لم يعد قانون قيصر كافياً لأن يتربع رئيس الولايات المتحدة الأميركية مرتاحاً على كرسي معاناة الشعب السوري هو اليوم أي جو بايدن بات جاثياً بعد أن وجهت له أكبر ضربة في صميم سياسته حسب وصف مجلة “نيوزويك” الأميركية عقب قرار الجامعة العربية بمصافحة سورية وجلوس دمشق مجدداً على مقعدها بعد ١٢عاماً وتجاوز كل تهديدات وتحذيرات واشنطن من هذه الخطوة التي لا تعكس المزاج التصالحي في المنطقة وحسب بل تتحدى البيت الأبيض وتحيد بايدن كما لو أنه حجر عثرة ركله القرار بكل سهولة على منحدر القطبية الأحادية رغم الضخامة السياسية والثقيلة لواشنطن على صدر المنطقة والعرب تحديداً.
لذلك وأكثر يقفز بايدن كالمهووس متسلحاً ب(الهيمارس) في مناطق احتلاله في سورية ويحاول بناء حواجز من الإرهاب حول قواعده غير الشرعية في سورية ويطلق رصاصه الطائش والمصوب نحو الجسد السوري في فزع خوفه من الانسحاب بتوابيت جنوده والعودة من سورية بتابوته السياسي خاصة بعد أن بدأ يسمع بأذنيه أقدام المقاومة الشعبية السورية تتهيأ للانقضاض عليه.
ليست تلك لوحة مخاوف بايدن وحسب بل الرجل قرر أن ينحدر بمستواه السياسي لمواجهة التطورات في سورية من رئيس للولايات المتحدة إلى أشبه برئيس رابطة لما يطلق عليه اليوم ضد (التطبيع مع سورية).
تخيلوا أن بايدن وبعض من المشرعيين الأميركيين حوله يبحثون في تطوير قانون قيصر وإعادة تسميته ليكون قانون مناهضة التطبيع مع سورية والهدف ليس معدة السوريين واللكم الأميركي عليها بل الضرب على الأيدي العربية والدولية التي تحاول مساعدتها فبايدن يفكر في معاقبة الدول العربية، مثل السعودية والإمارات، وغيرها من الدول التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية، إذا استثمرت في سورية وسيراقب الحسابات والدولارات وسقف الإعانات والاستثمارات لمنع السوريين من إعادة بناء بلادهم التي هدمت الامبريالية المتوحشة وديمقراطية الإرهاب ما هدمت منها ولكن حتى الإعلام الأميركي لم يرَ في نيات بايدن هذه سوى مزيداً وتخبطاً وتعبيراً عن تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة كما قالت.
ووكالة “بلومبرغ” الأميركية والتي تحدث من خلالها واعترف دبلوماسيون أميركيون أنّ حضور سورية القمة العربية في جدة هو رسالة واضحة للولايات المتحدة لإنهاء تواجدها العسكري في سورية والعقوبات التي تستهدف البلد “.
فحتى وسائل الإعلام الأميركي باتت ترتبك من موقف واشنطن وتدينه من فمها وتتحدث عن ازدواجية واشنطن فيقول مثلاً تقرير لموقع “ذا أميركان كونزرفاتيف”، على لسان الكاتب دوغ باندو، “إنّ العقوبات الأميركية لا تعمل، إلا إذا كان هدفنا ببساطة إفقار الشعب السوري”، وتساءل: “إن كان الهدف المفترض لهذه السياسة أي سياسة واشنطن من غزواتها هي الديمقراطية ، فكيف يعزز إفقار السكان السوريين الديمقراطية؟”.
ويعترف الكاتب بأن بلاده ساعدت المتطرفين من تنظيم القاعدة ودعمت قسد وباعتها أكثر من مرة لأنقرة وأن عقوبات قيصر هي دواء وهمي باهظ الثمن يشعر واشنطن أنها تقوم بشيء ما على حساب الشعب السوري.
يكثر الحديث في الإعلام الغربي عن أخطاء وعثرات بايدن وليس حباً بالسوريين بل انقاذاً لانهيارات واضحة في الإعلام الغربي ومصداقيته فباعت سمعة بايدن واشترت بعض الحقائق وليس كلها ولا ينقص بايدن الذي لم يعد هناك من يشتري منتجاته السياسية حتى داخل واشنطن إلا أن يخرج بإعلان ترويجي رخيص أو أن يلصق على جدران البيت الأبيض حملات إعلانية لقانون قيصر وأشكاله الجديدة من ما سماه (مناهضة التطبيع) فالرجل بعد اللطمة الكبرى التي تلقاها هو وقطبه الأحادي يبدو أنه انتقل للبيع المتجول على أسوار البيت الأبيض علّه يجني ربحاً قليلاً وهو ينادي لمناهضة التطبيع والتجويع للسوريين على العربة المتجولة للديمقراطية والديمقراطيين!.