الثورة – ناصر منذر:
تستثمر الولايات المتحدة فائض قوتها المفرطة للاستمرار في توسيع هيمنتها ونفوذها على الساحة الدولية، وتعمل أيضاً على توسيع شبكة حلفائها وأتباعها، وجرهم خلف سياساتها المدمرة للسلام العالمي، وذلك من خلال إشعال المزيد من الحروب والاستثمار في نتائجها، ومن هنا فإن ذراعها العسكري المتمثل بحلف الناتو، يعكس بشكل واضح توجهات الإستراتيجية الأميركية ونزعتها المفرطة نحو تكريس النفوذ والهيمنة على العالم.
لم يعد خافياً على أحد بأن السياسات الغربية والتحالفات الإقليمية مثل حلف الناتو، هي أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع العديد من الأزمات الدولية، وتأسيساً على ذلك، فإن مناورات “اير ديفندر 23″، التي بدأها حلف الناتو اليوم، والتي تعتبر الأضخم في تاريخه، تجسد مساعي الحلف ومن ورائه الولايات المتحدة للاستمرار بسياسة العبث بالأمن الدولي، على حساب أمن الشعوب وأمنها واستقرارها، حيث تأتي هذه المناورات بهدف تأجيج أجواء التوتر مع روسيا، ومن بعدها الصين، لاسيما وأن سفيرة الولايات المتحدة في ألمانيا إيمي غوتمان أوضحت بأن هذه المناورات تهدف إلى بعث رسالة إلى روسيا، وقالت: “سأكون مندهشة جداً إن لم يُلاحظ أي زعيم في العالم ما يظهره هذا لناحية روح هذا التحالف، وماذا تعني قوة هذا التحالف، وهذا يشمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وأضافت “من خلال تنسيقنا معاً نُضاعف قوتنا”.
مناورة الحلف تحت قيادة الجيش الألماني، يشارك فيها 250 طائرة عسكرية من 25 دولة عضو في الحلف وشريكة له، ونحو 10 آلاف جندي، وتستمر حتى 23 حزيران الحالي، ورغم مزاعم الجنرال إينغو غيرهارتس، قائد القوات الجوية الألمانية بأنها لاتستهدف أي طرف، وأنه خطط لها على أن تكون على أساس دفاعي محض، إلا أن الوقائع على الأرض تدحض تلك المزاعم، حيث يعتبر الحلف تحت القيادة الأميركية أكبر وأخطر التهديدات الرئيسية في العالم، ولا يوجد أي دولة خارج الحلف تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار العالمي.
وفي هذا الإطار قال خبراء إن مناورات الناتو العسكرية، هي من أجل احتواء روسيا في حالة عدم اليقين بشأن الصراع الأوكراني، حيث رأى ألكسندر كامكين، كبير الباحثين في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن هذه التدريبات هي رسالة لروسيا في سياق الصراع الدائر في أوكرانيا.
ولفت كامكين إلى أن حجم التدريبات أكبر بكثير من كل المناورات التي أجريت في السنوات السابقة، و”مرتبطة بالمسار العام نحو عسكرة الدول الأوروبية في الظروف الحالية”.وأضاف: “يمكن القول بشكل لا لبس فيه أن هذه خطوة موجهة ضد روسيا”.
بدوره أشار دمتيري دانيلوف، رئيس قسم الأمن الأوروبي في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى حجم التدريبات المقررة للناتو، مؤكداً أنها تشمل “كمية كبيرة غير مسبوقة من معدات الطيران”.
وقال “إننا نتحدث عن تنفيذ عمليات محتملة في إطار التخطيط، مع الأخذ في الاعتبار الأزمة الأوكرانية الحالية وتطور الوضع العسكري والسياسي في المنطقة”.
وأضاف “من الواضح في هذا الصدد أن ردع الناتو لروسيا هو هدف ذو أولوية في التخطيط العسكري والسياسي للحلف، وبالتالي، من الضروري بحسب رأيهم، وضع سيناريوهات مناسبة في مواجهة التطور غير المؤكد للتصعيد في الصراع الأوكراني”.
ووفقاً له، فإن الاتجاه الرئيسي لهم هو تطوير سيناريوهات وأعمال التحالف بموجب المادة 5 الخاصة بالضمانات المتبادلة، والتي بموجبها يعتبر الهجوم على أحد أعضاء الحلف في أوروبا أو أمريكا الشمالية هجوماً على التحالف ككل.
وأضاف الخبير أن تعزيز الجناح الشمالي و”التخطيط الشمالي” هو أحد أهداف هذه التدريبات، بالإضافة إلى إدراجهما في نظام الدفاع الجماعي للناتو.
هذا وستشمل المناورات تدريباً عملياتياً وتكتيكياً، وخصوصاً في ألمانيا، وأيضاً في جمهورية التشيك وإستونيا ولاتفيا.
ومنذ نحو أسبوعين، نشر موقع “Responsible Statecraft” التابع لمعهد كوينسي الأميركي تقريراً عن الاجتماعات السرية التي يعقدها قادة “الناتو” للرد على ما سموه هجوم روسيا.
