الثورة – ترجمة ختام أحمد:
يعد تفجير سد كاخوفكا جريمة حرب ضخمة ترقى إلى مستوى استخدام سلاح دمار شامل ضد السكان المدنيين، وكالعادة في هكذا جرائم يكون الجناة هم الولايات المتحدة وشركاؤها في الناتو.
إن ما حدث الأسبوع الماضي هو خرق كبير لكل التفاهمات السياسية وله تأثيرات بعيدة المدى، وإن القوى الغربية قد فجرت وكشفت صورها المزورة وأنها في الحقيقة ما هي سوى أنظمة إجرامية إلى جانب أجهزتها الإعلامية لخداع الجماهير.
وسيستغرق تقييم التأثير الكامل لفيضان نهر دنيبر في منطقة خيرسون المتاخمة للبحر الأسود عدة أسابيع، فتدميره يشكل كارثة ذات آثار إنسانية واقتصادية وبيئية ضخمة، فقد غمرت المياه المدن والبلدات والقرى والأراضي الزراعية، ما أثر على عشرات الآلاف من الناس، وأدى انهيار السد بالفعل إلى تعريض إمدادات مياه الشرب لشبه جزيرة القرم إلى خطر جسيم، وبالتالي اتساع تأثيره على السكان ليشمل ملايين البشر، و هناك أيضاً خطر محتمل من تعطيل عمليات التبريد في محطة الطاقة النووية زابوريجيا الواقعة في أعلى منبع السد.
لا جدال في أن التأثير الضار الأكبر لانهيار السد كان محسوساً في المناطق التي تسيطر عليها روسيا في خيرسون على الضفة اليسرى لنهر دنيبر حتى إذاعة أوروبا الحرة المملوكة لحكومة الولايات المتحدة تقر بأن تدمير البنية التحتية الروسية يبلغ عشرة أضعاف تدمير نظام كييف. ومع ذلك سارعت وسائل الإعلام الغربية الكاذبة وعلى الفور إلى إلقاء اللوم على روسيا لتخريبها سد كاخوفكا، على الرغم من أن الأدلة الدامغة تشير إلى أن التدمير تم من قبل نظام كييف المدعوم من الناتو.
في تشرين الأول العام الماضي، حذر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة ، فاسيلي نيبينزيا، صراحة من أن قوات نظام كييف كانت تحاول تفجير محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية، وذلك باستخدام الصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة والناتو، حيث كان الجيش الأوكراني يقصف السد خلال العام الماضي.
في كانون الأول الماضي، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الميجر جنرال الأوكراني أندري كوفالتشوك، قال: كيف كانت قواته تختبر تكتيكاً لتفجير بوابات السد باستخدام صواريخ HIMARS أمريكية الصنع، وبالتالي، كان التخريب في طور الإعداد وبعلم وإشراف الولايات المتحدة وشركائها في الناتو وقد أعطوا الإذن بتدمير السد.
توقيت الكارثة عامل رئيس آخر، فقد شهدنا الأسبوع الماضي إطلاق الهجوم المضاد الأوكراني وقد صدت القوات الروسية الهجمات إلى الشمال من منطقة خيرسون بالقرب من خطوط المواجهة في منطقتي زابوروجي ودونيتسك، وشمل الهجوم المضاد نشر الدبابات التي أصدرها الناتو والذخائر التي تم توفيرها مؤخراً.
ويبدو من المعقول أن الضربات التي دمرت السدود وما ترتب عليها من فيضانات جماعية تهدف إلى تشتيت انتباه القوات الروسية وتحرير الوحدات العسكرية الأوكرانية من الضفة اليمنى لدنيبر، والتي أصبح الوصول إليها بعيداً عن طريق العبور، وبالتالي يسهل الدفاع عنها من وجهة نظر نظام كييف.
عامل توقيت مهم آخر هو إجهاد أوكرانيا، فقد أصبح الرأي العام الغربي ينتقد بشكل متزايد حرب الناتو الخطيرة بالوكالة ضد روسيا، إذ إن التمويل المتهور لهذا الصراع أصبح يقدر بمئات المليارات من الدولارات واليوروهات.
في حين أن الاقتصادات الغربية تعاني من التقشف والركود، ما يتسبب في معارضة متزايدة بين الجمهور لسياسة حكوماتهم القاسية والساخرة المتمثلة في الدفاع عن أوكرانيا .
هناك أيضاً وعي متزايد بأن نظام كييف كيان فاسد تابع للنازية بعيداً عن استحقاق أي دعم، لاتستطيع وسائل الإعلام الغربية حتى إخفاء حقيقة أن القوات المسلحة لهذا النظام هي من المتعصبين النازيين، ويُنظر إلى الحكومات الغربية على أنها ترعى بشكل مقيت الفاشيين الأوكرانيين في حرب غير معلن عنها بالوكالة لإخضاع روسيا.
سترتد أحدث الجرائم الغربية عن طريق التخفي وتتسلسل مع جميع الجرائم الماضية بطريقة تعزز الذنب والوعي العام.
لقد فتحت روسيا تحقيقاً جنائياً في تخريب سد كاخوفكا، بينما رفض نظام كييف بسرعة الدعوات لإجراء تحقيق دولي، بلاشك أن الحكومات الغربية ستحاول التستر لإخفاء الجاني الحقيقي كما هو الحال مع تفجيرات نورد ستريم.
فقد رفضت وسائل الإعلام الغربية الإبلاغ عن مزاعم موثوقة من قبل سيمور هيرش بأن الولايات المتحدة نفذت تفجيرات نورد ستريم بأوامر من الرئيس جو بايدن، وقمعت عدة دول أوروبية لنتائج تحقيقاتها الأولية، مستشهدة بمصالح الأمن القومي، أي الخوف من انتقام الولايات المتحدة، ولا يعرف نظام كييف النازي حدوداً في جرائم الحرب الفاسدة التي ارتكبها مذبحة بوخا في نيسان الماضي، والتي أعدم فيها مدنيون من قبل فرق الموت التابعة لكتيبة آزوف المدربة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
إن الدمار الذي يحدث مؤسف جداً، ومع ذلك هناك شيء إيجابي وهو أن هناك الآن فهماً عاماً متزايداً في جميع أنحاء العالم حول الطبيعة الحقيقية البشعة للأنظمة الغربية التي تتنكر في صورة ديمقراطيات تحترم القانون.
لقد مارست “الديمقراطيات” الغربية المصممة ذاتياً وأبطال “النظام القائم على القواعد” المخدوعين بأنفسهم في الواقع منذ فترة طويلة الإبادة الجماعية والاستعمار والعدوان الإمبريالي، ودعم الديكتاتوريات الفاشية والكيانات الإرهابية في جميع أنحاء العالم من أجل مصالحهم النخبوية المجردة، ولم يعد تزوير “الديمقراطيات” قائماً.
المصدر – استراتيجك كالتشر