الثورة – ميساء العلي:
اقتصاد الظل أو كما أطلق عليه الصناعي عصام تيزيني “الاقتصاد النظيف” خلال ندوة الثلاثاء الأقتصادي اليوم والذي بدأ الحديث عنه بأنه الجد الأكبر لاقتصادات العالم حيث نشأ منذ الأزل عندما لم يكن هناك نظم وقوانين وله أسماء عدة ” الاقتصاد المخفي _ اقتصاد الفيء _ الاقتصاد المخفي ” كلها أسماء لمعنى واحد وهو العمل دون ضوابط ودون نظم بعيداً عن القوانين وبدون أن يدفع أصحابه أي رسوم أو تراخيص أو بلديات أو تأمينات اجتماعية أو ضرائب مالية ..
وتابع كلامه بالقول : هذا النشاط يعمل أصحابه في الأقبية وعلى الأسطح وفي المنازل ومنهم من يعمل في حوانيت بارزة أو نشاط بالعلن .
وعرج إلى دور اقتصاد الظل في تطور الدول الناشئة التي تتربع الآن على عرش النهضة والنمو وخاصة الدول التي عاشت فترات من الحرب والصين أكبر مثال حيث بدأت في ستينيات القرن الماضي بالعمل دون تنظيم وشروط وكانت عشرات آلاف الورش تنتج تحت أعين الحكومة لكن بدون تعقيدات وشروط وهي مثال يحتذى بتدرج تطورها الاقتصادي والصناعي حيث كان الفقر شديداً ومعدل دخل الفرد ضعيفاً وهي لم تبدأ بالتنظيم والاشتراط إلا منذ العام ٢٠١٠ .
ورأى أن اقتصاد الظل أو الاقتصاد النظيف بدأ في سورية مع بدء الألفية الثالثة حيث ظهرت بشائر نهوض وتطور الاقتصاد الرسمي مع التحول والانفتاح نحو آليات جديدة تتماشى مع السوق وتتناغم مع التطورات الاقتصادية في المنطقة والعالم ، فكان الاقتصاد الرسمي يسجل نمواً وتصاعداً رغم بعض الملاحظات التي أخذت هذا الاقتصاد نحو منحى ريعي وخدمي بدلاً من أن يكون انتاجياً ورزاعياً وصناعياً وخصوصاً خلال السنوات الثلاثة الماضية ومع ذلك كان الاقتصاد النظيف رديفاً في حينها فحسب المؤشرات الحكومية الرسمية فقد بلغت نسبة مشاركته بالإنتاج المحلي لا تقل عن ٦٠% فكان مساعداً وفاعلاً في تحسين دخل الفرد وسبب ذلك بحسب المحاضر يعود لوجود تشريعات غير مرنة تعتمد المنع ولا تعتمد السماح إلا بشروط .
ويرى المحاضر.. اليوم الاقتصاد السوري بحاجة لمثل هذا النوع من الاقتصاديات فمنذ العام ٢٠١٩ يعاني بشكل صارخ من آثار الحرب الإرهابية و رافق ذلك عقوبات غربية قاسية على فئة مجتمع الأعمال مما أدى إلى تراجع الانتاج وتراجعت الحركة التجارية وبدأ التضخم المالي بالظهور وصار اللحاق نحو لقمة العيش هو الشغل الشاغل للمستهلك السوري ، حيث يقدر نسبة الاقتصاد النظيف خلال السنوات الثلاثة الماضية حوالي ٨٥ % من اجمالي الناتج المحلي الإجمالي لكن للأسف أصحابه ملاحقون ومدانون .
وتابع تيزيني أن معدل الفقر السوري بلغ حدوداً مرهقة ، نتيجة تهاوي الاقتصاد الرسمي وتعافيه يحتاج إلى تغيير جذري ببنية القوانين والتشريعات وتحرير الاقتصاد النظيف وإطلاق العنان لأصحابه ليسدوا العجز في النمو وفي القدرة على الاستهلاك خاصة وأن هذا النشاط الاقتصادي صار واقعاً موجوداً وبالتالي شرعنته مرحلياً ووضعه تحت الضوء وهو أمر ضروري على الأقل لمدة اربع سنوات ريثما ينهض الاقتصاد الرسمي .
وتطرق المحاضر إلى كيفية امكانية اقتصاد الظل أن يخفف من وطأة الفقر وذلك من خلال إصدار تشريع يعفي كل من يعمل ويريد أن يعمل بالظل النظيف من الملاحقة والاشتراط والتجريم ومساعدة فئة الشباب بالعمل دون شروط مالية وإدارية وإصدار تشريع تأجيل من الخدمة الالزامية لكل من يعمل وينتج، إضافة إلى قوننة اقتصاد الظل ليصبح العمل مريحاً للجميع بدون شروط مع أن يكون هذا النشاط مضبوطاً ومراقباً .
وختم كلامه بالقول: وضع اقتصاد الظل النظيف تحت أعين الحكومة وغض الطرف عن ممارسته مرحلياً لأربع سنوات سيكون حلاً مريحاً ورديفاً يساهم في رفع قدرة السوريين على تحمل الغلاء وتأمين لقمة العيش.