الثورة – لينا شلهوب:
في خطوة تعكس البعد الإنساني والاهتمام بالفئات الأكثر حاجة للرعاية، أطلقت مديرية الصحة المدرسية وطب الفم في وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مشروعاً نوعياً بعنوان “ابتسامة لكل حاسة”، ويهدف المشروع إلى تقديم الرعاية الصحية الفموية للأطفال من ذوي الإعاقات السمعية والبصرية، تأكيداً على حقهم في الحصول على خدمات طبية متساوية، وتقديراً لخصوصية احتياجاتهم التي تتطلب مقاربات مختلفة في التثقيف والعلاج.
وبحسب ما أوضحته مدير الصحة المدرسية وطب الفم، الدكتورة ميسون دشاش، بدأ المشروع أولى خطواته في جمعية رعاية الصم بدمشق، وشملت الفعاليات إجراء فحص دوري شامل للأطفال، إضافة إلى تقديم التثقيف الفموي المناسب لحالتهم، وتنفيذ التدابير الوقائية والعلاجية لمواجهة مشاكل صحية شائعة مثل النخر السني والرضوض الوجهية.
ولم يتوقف المشروع عند حدود التشخيص، بل شمل جانباً عملياً مباشراً، تمثل في توزيع فراشي ومعاجين أسنان لأكثر من خمسين طفلاً وطفلة من أبناء الجمعية، وذلك عبر العيادة السنية الجوالة التابعة للمديرية، وبإشراف فريق متخصص يضم كوادر الصحة المدرسية وأطباء متطوعين من ذوي الاختصاص في طب أسنان الأطفال.
كما رافق الفريق أعضاء من التثقيف الصحي الفموي، بالإضافة إلى مترجمي لغة الإشارة من جمعية رعاية الصم، لتأمين التواصل الفعّال مع الأطفال وضمان وصول المعلومات إليهم بطريقة مبسطة ومناسبة.
الدكتورة دشاش أكدت أن هذه المبادرة ليست مجرد نشاط مؤقت، بل مشروع مستدام سيستمر خلال الأيام القادمة ليغطي باقي مراكز رعاية الصم في مدينة دمشق وريفها، مشيرة إلى أن الخطة تشمل أيضاً استقبال الحالات التي تحتاج إلى إجراءات أكثر شمولية في مقر مديرية الصحة المدرسية وطب الفم بمنطقة المزة، حيث تتوفر إمكانيات أوسع للرعاية المتكاملة.
ويحمل المشروع في طياته أكثر من رسالة، فهو من جهة يسعى إلى تعزيز وعي الأطفال وأسرهم بأهمية العناية بصحة الفم والأسنان، ومن جهة أخرى يجسد صورة من صور الدمج المجتمعي عبر إشراك متطوعين ومترجمين وأطباء في مهمة واحدة هدفها الأسمى ضمان حق الابتسامة لكل طفل، بغض النظر عن إعاقته أو ظروفه.
ويؤكد القائمون على المبادرة أن الاهتمام بصحة الفم للأطفال ذوي الإعاقة ليس ترفاً، بل ضرورة أساسية للحفاظ على صحتهم العامة وجودة حياتهم، فالمشكلات الفموية قد تؤثر على التغذية والنطق والنمو السليم، وهو ما يجعل التدخل المبكر والتثقيف المستمر مسألة بالغة الأهمية.
ويُنتظر أن يسهم هذا المشروع في ترسيخ مفهوم الصحة المدرسية الشاملة، بحيث لا تقتصر على الفحوص الدورية، بل تتعداها لتشمل الوقاية والتثقيف والتأهيل، بما يعزز التكامل بين وزارتي التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية والعمل، ويرسم ملامح نموذج رعاية صحية يمكن البناء عليه وتوسيعه ليشمل فئات أخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وبإطلاق “ابتسامة لكل حاسة”، تتجدد القناعة بأن الرعاية الصحية المتوازنة تبدأ من التفاصيل الصغيرة، كتنظيف الأسنان وتعزيز العادات الصحية، لكنها تنتهي إلى نتائج كبيرة تلامس حياة الأطفال وذويهم، وتمنحهم الثقة بأنهم جزء أصيل من المجتمع يستحقون كل أشكال الدعم والاهتمام.