التفت العالم في لحظة غفلة إلى حدث حاسم لم يكن بالحسبان، الرجل المقرب من الرئيس بوتين، الذي اغتنى بسببه وأصبح مليارديراً ويمتلك قوة ضاربة وفق العرف العسكري مؤسسة فاغنر.
أسس الرجل شركة عسكرية غير حكومية رديفة للجيش الروسي، يستجير بها في بعض الوقت لمهام خاصة ونوعية، داخل روسيا أو خارجها. شارك إلى جانب الجيش الروسي في الحرب الأوكرانية.
بلحظة غفلة تستدير مجموعة فاغنر لصدر الجيش الروسي بقرار من بريغوجين.. الأمر الذي استقطب الإعلام العالمي بوجوم.. بين مصدق ومكذب، هل يمكن أن تكون خيانة وطعنة في الظهر كما وصفها بوتين..
أميركا والغرب يتربون.. ينتظرون حرباً أهلية في الداخل الروسي، وحمام دماء يرتعون فيه، ويحتسون نخب القضاء على بوتين الذي دوخهم، وقلّم قرن وحيد القرن الذي ركبوا ظهره بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.. هل ينتظرون خيانة جديدة بعد غورباتشيف.
يتهيؤون لدعم غير محدود ينتظره منهم زيلنسكي.. وما زال الشامتون غارقين بوجومهم، يخشون الابتسام وظهور أسنانهم الصدئة.. إنه بوتين رجل القوة الذي يحسب له ألف حساب.
هدد بريغوجين شويغو وزير الدفاع الروسي وهو يسير بمقاتلي فاغنر نحو موسكو، ويتوقف معلناً أنه لا يرغب بإراقة الدماء، لكنه سيسحق من يقف في وجهه..
لوكاشينكو الرئيس البيلا روسي يتدخل، ينتهي التمرد ( ويا فرحة ما تمت) كيف نام ليلتها ماكرون.. ويصدر الأمر بتسليم فاغنر أسلحتها الثقيلة للجيش الروسي، وتوقيع عقود فردية لمن يرغب من عناصرها في الالتحاق بالجيش الروسي النظامي، ويمكن لمن لا يرغب البقاء في منزله من دون مساءلة.. وتوقع عقود إنفاذ القانون.. يستقل بريغوجين طائرته الخاصة إلى بيلاروسيا.. ينتهي التمرد.. وتوأد الفتنة..
الغرب المتململ، وأميركا التي تنتظر اشتعال أرض الدب الروسي، خابت آمالهم.. لم يستطيعوا شراء حاضن للتمرد من بين أبناء الشعب الروسي.. الانجراف نحو الخيانة والنكوص عن شرعية سيادة البلاد أمر ليس بالهين عند من يحب وطنه ويدافع عنه.. في المواقف الحاسمة سهل جداً فرز الخائن والمتخلي الذي يعض اليد التي أحسنت إليه، وساعدته ليكون في منصب متميز، ويمتلك قوة استثنائية، وبين من يفتدي وطنه بروحه ودمه..
هذا هو الفارق بين مرتزق يباع ويشترى وبين صادق في وطنيته وعقيدته.
يمكن مقاربة المشهد بين ما حدث في سورية، وإسعار أتون الفتنة، والنوم في حضن العدو الأميركي والغربي، وبين من جعل حقدهم يحرق صدورهم، ليكون كيدهم في نحورهم.. كم فكرت في تساؤل يتكرر عن متى تموت الخيانة؟ ليأتي الجواب عندما يموت العرب.. جواب موجع والعاقل يتفكر..
حتى أنت يابريغوجين.. وينتهي بريغوجين حاقناً للدماء. ومن أراقوا دماء أهاليهم في وطني وهم في الفنادق الفارهة نائمون بدم بارد.. وتأتي قادمات الأيام، لتعري الحقائق..
أتمنى لوطني وأهله عيداَ ترتفع فيه الغمة.