الثورة – آنا عزيز الخضر:
امتلك الرقص منذ بداياته الأولى إمكاناته التعبيرية عن المكنونات الداخلية للإنسان، حتى قبل أن يعرف الكلام، وكانت لغة التواصل هي الإشارة، فكان يعبِّر بالحركة، وجمالية الحالة أنه في وقتنا الحالي، أمسى له ألوانه الكثيرة وعالمه الخاص ومبدعوه، وأصبح يجسد عروضا متكاملة، تعبِّر عن العوالم الإنسانية بكل ماتملكه من انفعاﻻت وعواطف ومشاعر، وحاﻻت إنسانية كثيرة.. هذا ماجسدته ونقلته عروض راقصة، ترجمت كل ذلك بمهارة منقطعة النظيير، لعل أبرز من ينجزها المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم الرقص، من تلك العروض كان “بوح” إشراف الأستاذه “رهف الجابر”.
حيث دار العرض عن الذات الإنسانية، تم التعبير عنها بإتقان ومهارة وليونة، وجهد يدل على المران والتدريب…حول “بوح” وعروض المسرح الراقص وميزاته وحضوره عند الجمهور تحدثت الأستاذة في المعهد قسم الرقص “رهف الجابر” قائلة:
قسم الرقص تأسس في ٩٧، وهو مستمر في إقامة العروض بشكل دائم، لأن هناك مسافة بين المتلقي وهكذا نوع من العروض…
دخل الرقص المعاصر لسورية منذ تسع سنوات، وهو الأكثر قرباً للجمهور، وأكثر قدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار المعاصرة، بكونه ﻻيتقيد بأي من القيود الحركية أو الموسيقية، رغم أن إتقانه صعب، ويتطلب من المؤدي جهداً عالياً، فهو من أكثر الألوان التي تخلق تواصلاً محبباً
مع الجمهور، مثل عرض بوح..
ﻻبدَّ من القول أنه هناك سعي مستمر، ليصبح هذا النوع أكثر انتشاراً ،وهذا طبعاً يتطلب دعماً من الجهات الثقافية المعنية، طبعاً لا أقصد المعهد العالي للفنون المسرحية، لأنه المؤسسة التي تؤمن الدعم لعروض المسرح الراقص بشكل كبير..
أما كيف يعبِّر الرقص عن اﻷفكار فالأدوات هي الجسد والفكر، لأن الجسد لايمكنه إيصال إلا الشكل، ولكن تدريب الراقصين على الحركة هي نتيجة نصل إليها مثلما نفكر بفكرة.. ونحكيها باستخدام الكلام.. عند الراقص الحركة لها دﻻﻻتها التعبيرية الخاصية التي يعرفها والتي تقدم للأفكار والمشاعر والإحاسيس حيث يمر فيها المؤدي، وهذا الشيء بالضبط ما حاولت العمل عليه مع الطلاب، وإيصال مجموعة من الأفكار باستخدام الرقص.. الراقص كالممثل لكن تختلف الأدوات.. إنما الإثنين مؤديين.. ويلعب دوره الإتقان هنا..
اما عن خصوصية عرض بوح فكانت في مكونات وتفاصيل هذا العرض، لأن الطلاب تعرفوا على التكنيك في سنة سابقة، فحاولت هنا أن أطلب منهم مهام مكتوبة، كانت تتضمن القصة الشخصية والذاتية لكل راقص، لأنني اخذت بعين ااعتبار، أنه من الأنسب إذا بدأ بالتعبير عن فكرة تخص الآخر، قد ﻻيجيد مثلما يعبِّر عن نفسه.. فيفترض أن يكون معبِّراً عن ذاته بداية، ومختبراً ذلك على خشبة المسرح، لأجل هذا صممت الرقصات بناءً على القصص الشخصية، وقد جمعتها ضمن مشاهد، واشتغلت على الجانب الحسي عند الراقص، لنقول أنها هذه لغة سواءً كانت مألوفة أم لا ،ولكن هي طريقة تعبيرية بامتياز.. وكان عندي الهم الوحيد هو إثبات ذلك للطالب، وليس للجمهور، لعل وعسى افتح ذهنه على طريقة تفكير تبتعد عن أن يكون الرقص مجرد شكل،
طبعاً لا ننكر وجود أنواع رقص استعراضي، وهو صعب تقنياً، ولكن يكون هدفه الاستعراض، أما الألوان التي تقول شيئاً ما، ولها هدفها التعبيري، فمن المعيب أن تكون فقط للاستعراض، ﻷنه هنا نختزل من قيمتها الكثير.