الثورة – همسة زغيب:
بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح، والدكتور وائل معلا رئيس جامعة دمشق سابقاً، والأستاذة نعيمة سليمان مديرة ثقافة دمشق، والعديد من الشخصيات الفنية والثقافية والعلمية ،وحضور رسمي رفيع المستوى وحشد من جمهور الفن التشكيلي، أقيم في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة معرض ” تحية إجلال لروح الباحث الدكتور المهندس سلام يوسف طعمه نائب المدير العام السابق لمركز الدراسات والبحوث العلمية” ترافق المعرض مع إقامة ندوة تأبينية لروح الدكتور الراحل.
قدمت حفل التأبين السيدة هناء أحمد، كما ألقيت العديد من الكلمات والتي تحدثت عن مناقب وأعمال الراحل، وتحدث فيها الدكتور عمرو الأرمنازي مدير عام مركز الدراسات والبحوث العلمية سابقاً، والمهندس سامي عبود صديق المحتفى به من أيام الطفولة، والفنان والناقد التشكيلي والمؤرخ الموسيقي أديب مخزوم، وزوجة الفقيد الفنانة ليلى رزوق وغيرهم.
وأما الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم، الذي دعى الفنانين والفنانات للمشاركة في المعرض وأشرف على تنظيمه وإعداده، تحدث إلينا قائلاً إن رحيل الدكتور المهندس سلام طعمة شكل خسارة كبيرة للفن والثقافة والقيم الإنسانية لأنه كان يشجع بحضوره الفن والفنانين، فالأمة تكبر برموزها العلمية والفكرية والفنية، كان يدعم الفنانة ليلى رزوق زوجته في رحلة الحياة ويشجعها، حيث كان يتواجد دائماً معها في افتتاح معارضنا.
وأضاف استغرق التحضير للمعرض ثلاثة أشهر، وشارك فيه حوالي ست وستين اسماً من كل الأجيال الفنية، من جيل الراحلين والمخضرمين حتى رعيل الشباب والأطفال ( من أمثال الطفلة أثينا طعمة حفيدة الفقيد ) وتنوعت اللوحات المعروضة بقياساتها ومواضيعها وتقنياتها وأساليبها من أقصى حالات الدقة الواقعية، كما في بورتريهات ليلى رزوق، التي جسدت فيها وجه زوجها الفقيد في مراحل عمرية مختلفة، إلى أقصى حالات الاختصار والتبسيط والتجريد، كما تضمن أعمالاً قليلة في النحت والخزف.
أول ما يمكن استشفافه من تحليل الاتجاهات التشكيلية الحديثة، التي نجد تجلياتها في معظم الأعمال المعروضة، بروز جدلية العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين معطيات التشكيل العالمي الحديث، والعناصر البصرية المستمدة من الملامح والأجواء العربية والشرقية، حيث تولدت في لوحات المعرض، رؤى تعبيرية وواقعية جديدة ورمزية وسوريالية وتجريدية وحروفية وغيرها، والتي تمد جسوراً نحو المستقبل لتقول في حوار سحري إن الحياة باقية، رغم كل المآسي والويلات وأدوات الشر وغيرها.
فأصحاب التجارب المشاركة، يتركون الباب مفتوحاً على مصراعيه، أمام التقنيات الفنية الحديثة في صياغة العناصر والمشاهد، وهذا ما أدى في أحيان كثيرة إلى تكثيف الحالة التعبيرية، والابتعاد عن المباشرة الخطابية، وهذا يعطي اللوحة المرسومة حساسية بصرية لونية غنائية وشاعرية.
كما برزت في المعرض مظاهر التنويع التقني الخاصة بكل تجربة على حدة، للوصول إلى التأثيرات البصرية المعبرة عن الأسلوب أو الشخصية، وبالتالي النفاذ إلى أبجدية تشكيلية ناتجة عن اختبارات تقنية خاصة، قوامها اللمسة اللونية التلقائية والعفوية، رغم وجود بعض الأعمال الواقعية.
واللوحة في تحولاتها وتنقلاتها بين التصريح والتلميح، تتشكل بخيالات مختلفة تقترب من الواقع أو تبتعد عنه حسب الحالة الداخلية وحسب درجة الانفعال لدى صاحبها، فالحركات اللونية السريعة والسطوح المتنوعة التأثيرات والحساسيات، هي أقرب إلى الحركة العاطفية من التموجات البطيئة والسطوح الناعمة، التي نتابعها بنوع من الشاعرية والرومانسية القادمة من معالجة العناصر الانسانية وغيرها.
وثمة من يعبِّر عن غربة وعزلة المرأة في خطوات التعبير عن مشاعر الوحدة والأحلام الضائعة في عالم اليوم، وتتحول بعض اللوحات الأخرى المعروضة من الشكل الواقعي الذي يلامس الواقع، إلى التكوين التعبيري والتجريدي مروراً بكل المدارس الفنية الحديثة والمعاصرة.
وعلى هذا الأساس حملت بعض اللوحات جرأة خاصة، وأضفت حرارة عاطفية وانفعالية بقدر ما حملت من الإشارات المرتكزة على الرقابة المركزة، وهنا يبرز التوازن بين الوعي والانفعال، وهذه المعادلة تتطلبها الأعمال الفنية الحديثة والصادقة، فالوعي وحده لا يكفي، لابدَّ من الانفعال حتى يأتي العمل الفني معبراً عن شتى المشاعر والأحاسيس العميقة التي يعيشها الفنان أثناء انجازه عمله.
وأخيراً سعت معظم التجارب التشكيلية المشاركة، للاستفادة من معطيات الفنون الغربية الحديثة، وبمزيد من اللمسات اللونية العفوية، التي أطلقتها المعارض الحديثة في مدن الفن الكبرى، في محاولة لتقديم العناصر الإنسانية، من خلال الانفتاح الكامل على توجهات وتداخلات وتشابكات وتحولات وانقلابات ثقافة فنون العصر.