في أربعينات القرن الماضي قامت ما تسمى “سوق البورصة” في منطقة الحريقة بدمشق، والتي صنفها الباحثون في الاقتصاد والمال على أنها من أوائل البورصات التي ولدت في المنطقة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط.. كانت هذه السوق المالية في دمشق منعكسا موضوعيا لوجود اقتصاد حر يعتمد على الشركات الخاصة والتي يمتلك الجزء الأكبر من أسهمها الناس.
هذا هو الأساس المحلي والواقعي لما نسميه اليوم “الشركات المساهمة العامة” والتي سميت بهذا الاسم لأنها تطرح جزءا من أسهمها للاكتتاب العام، وقد عرفها قانون الشركات رقم 29 الصادر في العام 2011 والمعدل في العام 2013 على أن ” الشركة المساهمة المغفلة العامة تتألف من عدد من المساهمين لا يقل عن عشرة ، ويكون رأسمالها مقسما إلى أسهم متساوية القيمة قابلة للتداول وللإدراج في أسواق الأوراق المالية وتكون مسؤولية المساهم فيها محددة بالقيمة الاسمية للأسهم التي يملكها في الشركة ”
ويحدد قانون الشركات نفسه في المادة – 10- “بأنه يجوز للمؤسسين أن يغطوا كامل قيمة الأسهم وحدهم دون أن يطرحوها على الاكتتاب العام ، وتكون الشركة في هذه الحالة ( شركة مساهمة مغفلة خاصة ) لكن الفقرة الثانية من المادة 10 السابقة تحدد بالقول : ولهم أي _ المؤسسين_ أن يكتتبوا بجزء من الأسهم لا يقل عن \ 10% \ ولا يزيد عن \ 75 % \ من كامل رأسمال الشركة ويطرحوا الباقي للاكتتاب العام وتكون الشركة في هذه الحالة ” شركة مساهمة مغفلة عامة” ولايجوز للشخص الطبيعي من المؤسسين أو المساهمين أن يكتتب بأكثر من \ 10% \ من رأسمالها .
من أربعينات القرن الماضي إلى اليوم .. الكثير من الأسر المستورة والميسورة خاصة كبار السن كانت تعيش على الأسهم التي تملكها في الشركات السورية المساهمة في النسيج وفي الصناعات الغذائية … الخ
هذا نشاط سوري عريق يعتمد على المدخرات ويستقطب كل من يريد أن يكسب المال من خلال المساهمة في الشركات المساهمة الحديثة أو القائمة حاليا،وفي المحافظات السورية أمثلة لشركات مساهمة عامة ناجحة تشكل رافد مالي مهم للأسر التي تساهم فيها .
على هذا الأساس جاء القانون- 11 – الصادر من أيام ليقدم مزايا وحوافز لافتة في تقييم الأصول وفي الاندماج وفي الحوافز الضريبية وفي الإجراءات لدعم تأسيس الشركات المساهمة العامة وتحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة ..
على مستوى سورية يصل عدد الشركات المساهمة العامة التي تخضع لإشراف هيئة الأوراق المالية.. حدود 50 شركة فقط ، متوقف منها حوالي 10 شركات عن العمل وبالتالي فإن العدد الفعلي لا يتجاوز حدود 40 شركة مساهمة عامة ، وهذا عدد قليل ، لذلك فإن البيئة تسمح لتأسيس المئات من هذه الشركات التي تصنف على أنها ملاذ استثماري للصغار، ومنقذ تاريخي للكبار أصحاب الشركات العائلية التي مصيرها بعد الجيل الثالث الزوال.
