الملحق الثقافي- محمد خالد الخضر:
مازالت محاولات تخريب الشعر تزداد إصراراً وذلك بسبب ما يحظى به الموما إليه من تشجيع وتصفيق بأشكال مختلفة، وثمة دعم لهذه الظاهرة صار يقدم منظومته بوقاحة، ودون خجل، وعندما نصحت إحدى المتشاعرات أن تفرق بين السجع وهو الكلام الفارغ الذي يردفه صاحبه بتوحيد الحرف الأخير وبين الشعر الذي يتكون من موسيقا وعافية وروي وصور وعواطف، وهذا ما يفقده السجع ..فقالت لي: عندما قرأت قصيدتي على منبر أشار لي واحد من كبار الشعراء بإصبعه الإبهام يعني كلامه مخالف لكلامك فقلت لها: هذا ينافق أكثر مما يدعم كتاباتك.
والأكثر صعوبة من ذلك هي تفشي ظاهرة ما يسمونه بالشعر الشعبي وهو كلام لا يقدم ولا يؤخر يأتي بمليون شكل ويخلو من البنيات المكونة للشعر ولا يمتلك إلا اهتزاز صاحبه وراء المنبر أو صاحبته التي تضيف إلى الاهتزاز كثيراً من الغنج والدلع على شاشات التلفزة الممتدة في الوطن العربي ولاسيما أن المحاورات لهذه الأنواع من الشعر لا يفرق بين الشعر بكسر الشين أو بفتحها.
وقد تكون أغلب هذه الأخطاء التي يتحمل كثيراً من مسؤوليتها النقاد وجهل بعض الإعلاميين الذين يهتمون بتسريحات شعرهم وذقونهم وانواع المكياج أكثر بعشرات المرات من الاهتمام بقراءة صفحة من كتاب تشير إلى شيء من المعرفة.
وهذه في واقع الحال خدمة ليست قليلة لتوسيع نشاط الليبرالية الحديثة بقصد أو بدون قصد فالنتيجة واحدة.. ولابد من تجسيد حالات المحاسبة في حال ضبطت تزييفات نقدية مطوقة بأي تغطية إعلامية لأن هذا الوطن هو كرامتنا، وقليل من الحياء يجعلنا محافظين على الأقل على جزء من الكرامة.. وأقدم مثالاً.
اذا ذهب ناقد ما إلى بيته وسألته زوجته أو ابنته بأي دافع تعطي صفة شاعرة لفلانه وهي لا تتقن كتابة الإملاء وقد تسأل المشار إليها أيضاً في بيتها السؤال عينه وهذا ينطبق على الإعلامي والإعلامية أيضاً قولوا لي أين الجواب الصحيح؟
وبعضنا يتشدق بالثقافة ولانعرف أبداً بعد ذلك أن يفرق بين من يحافظ على وطنه وبين من يخونه ولا نعرف إلا أن نرفع أيادينا إلى السماء دون معنى.
العدد 1150 – 4-7-2023