مراجعات الوقت بعد الضائع

ثورة اون لاين – بقلم رئيس التحرير عـلي قــاســم

تعلو الأصوات الخائبة وبعضها وصلت إليه حالة الهلع من تفشي الإرهاب وتلويح التنظيمات الإرهابية بساطورها، حتى لو كان تلويحاً للاستهلاك الإعلامي أو لإثارة الغبار والتعمية،
في حين تتسع دائرة المخاوف في البقع الخليجية المتناثرة وعلى أطراف المشيخات وفي كنف الأسر الحاكمة مما هو قادم.‏

ومعها تعلو الدعوات إلى المراجعة ولم تتردد في استخدام «التكويع» كدلالة على تغيير كلي في الاتجاه والموقف، علماً بأن أصل المفردة المعجمي لا ينحو بشكل قاطع بذلك، وتترافق في أغلب الأحيان بكثير من الادعاء الأجوف، ولا تتحرج من الاستعارة الشعاراتية التي تشدقت بها على مدى السنوات الماضية.‏

في المبدأ .. لا تكفي أن تأخذ المراجعات اللفظية طريقها إلى العلن كي ننتظر ما بعدها، خصوصاً أنها تراوح في مكانها وأغلبها يأتي في إطار التمنيات!! في مؤشر واضح على أنها ستظل تكراراً للاجترار بعد فوات الأوان وفي الوقت بعد الضائع، حيث تكتسح الآراء والمواقف الباحثة عن نافذة لمراجعة ما اتخذته على عجل، ولا يتردد بعضها في نفض اليدين من كل ما سبق أن غاصت في أوحاله.‏

الأمر ليس للمداعبة السياسية، ولا هو نتاج فعل آني أو ردة فعل على متغيرات كاسحة تجتاح المنطقة وحسابات المشاريع المتصارعة فيها وانقلاب المعادلات التقليدية، بل في جوهره يلامس حقائق تطفو على سطح المزاج الشعبي المتأخر بحكم مرحلة الاستلاب السائدة في التقاط اللحظة، أو التعبير عن الحاجة لاستراحة يسترد خلالها أنفاسه التي تقطعت على وقع ما يجري من انزياحات استراتيجية وديمغرافية وجغرافية.‏

فالحديث الساخن في مشيخات الخليج ولدى أوساط بالغت في التشفي مما يجري في البلدان العربية الأخرى، لا يعود في جذره إلى صحوة مفاجئة على الضمائر أو العقول، ولا إلى صدمة مؤقتة أو دائمة ناتجة عن النتائج غير المحسوبة، بقدر ما يمثل هواجس هلع مما هو قادم بعد أن وصلت الأمور إلى حافة الاشتعال التي تقتضي كسراً قسرياً لحدود سايكس بيكو، وإن كانت من فعل تنظيمات تربّت وترعرعت في الحضن الخليجي، وعاشت من ماله وتنعمت بدعمه واحتضانه.‏

وفي جوهرها .. لا نعتقد أن المراجعة بحد ذاتها وليدة رغبة ذاتية، بقدر ما أملتها الظروف الموضوعية الناتجة عن التداعيات الأكثر خطورة حيال ما يجري على امتداد المنطقة، بدليل أن الدوافع لا تأتي في سياق التحضير لمواقف مختلفة أو التمهيد لمقاربات مغايرة، ولا هي محاولة للضغط على حكومات مشيخاتها للخروج من عنق التورط في العلاقة مع التنظيمات الإرهابية التي لبستها من رأسها حتى أخمص قدميها، وقد فات أوان التوبة، وبات الاستدراك عملية معقدة وصعبة وربما هي غير ممكنة ولا متاحة.‏

الأدهى أن الصحوة في نهاية المطاف تبرئة ذمة متأخرة، ومحاولة يائسة لتبييض صفحات متخمة بسواد وظلامية ما اقترفته التنظيمات الإرهابية التي تحركت وفق مشيئة واضحة وصريحة من تلك المشيخات، وبالتالي فإن الانقلاب في الحسابات لا يبرر ولا يشرّع البوابات المفتوحة على مصراعيها أمام تحولات خطيرة باتت المشيخات جزءاً منها وعلى جبهة النار المفتوحة وداخل خطوط الاشتباك بشكل مباشر.‏

لسنا بوارد النقاش في المبررات والمسوغات، لكن هذا لا يعني أن الهواجس والمخاوف التي استفاقت عليها المشيخات، وتحديداً ما يشتعل منها في الشرائح الشعبية -حيث لا أمل في النخب التي استباحت المحرمات بمختلف شرائحها- كانت خارج المعادلة التي فرضت إحداثيات السياسة، وقد لمسنا في كثير من الأحيان حالة من التمني الممزوج بمرارة الاعتراف، لكنه جاء مغرقاً في توريته وكذبه ونفاقه.‏

الحال لدى بقية الأطراف ليس أفضل، وقد وصلت إليه شرارات الهلع بعد أن سبقتها في ذلك دول أوروبية كانت تبحث عن موطئ قدم في المشروع الذي تتوالى الاعترافات بالأصابع المتورمة التي تنبش على هامشه، وفي الصفحات المواربة التي تسطرها بعد فوات الآوان، مثلها في ذلك مثل المراجعات القادمة إلينا في الوقت بعد الضائع، حيث لا تنفع معها توبة، ولا تغير فيها إعادة اصطفاف وقد انتهت صلاحية استخدامها أو توظيفها.!!‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر