الثوّرة – ترجمة رشا غانم:
قوبل قرار الحكومة اليابانية المتعلّق بالتخلص من المياه الملوثة نووياً من محطة فوكوشيما داي إتشي النووية الأولى لتوليد الطاقة وطرحها في البحر – ومنذ البداية – بالتساؤلات والمعارضة من قبل المجتمع الدولي، بينما تفيد تقارير إخبارية بأنّ اليابان تستعد لتصريف المياه الملوثة بالتريتيوم من مفاعل فوكوشيما المتضرر في البحر في هذا الصّيف.
إنّ خطة اليابان خطوة غير مسؤولة على الإطلاق، فهي تتجاهل تماماً الآراء المهنية والموثوقة للوكالات الدّولية والمعارضة الداخلية والخارجية، مظهرةً بذلك عدم احترامها واكتراثها للبيئة البحرية والصحة العامة، فالمخاطر المترتبة على ذلك غير مسبوقة، حيث تحتوي المياه الملوثة إشعاعياً على أكثر من 60 من النويدات المشعة، والكثير منها لا يمكن التعامل معها ومعالجتها بالتقنيات الموجودة حالياً.
هذا ويمكن لبعض تلك النويدات المشعة الانتشار عبر المحيطات بوساطة التيارات والدوامات والضرر بالبيئة البحرية والبيئة بشكل عام، فإنّ تأثير المياه الملوثة إشعاعياً والمخطط طرحها في البحر على مدى 30 عاماً سيكون ضاراً على البيئة البحرية والصحة العامة في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لأحكام القانون الدولي العام واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإنّ اليابان ملزمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع تلوث البيئة البحرية، وإخطار الدول التي يمكن أن يصل الضرر لها والتشاور معها بالإضافة إلى تقييم ومراقبة التأثير البيئي، واتخاذ الإجراءات الاحتياطية للتقليل من الآثار الخطيرة المحتملة، وضمان حدوث ذلك بكل شفافية والانخراط بالتعاون الدولي للحد من مخاطر الإضرار بالبيئة البحرية.
بالمقابل، فقد تجاهلت اليابان مسؤولياتها والتزاماتها الدولية بذرائع عديدة واهية، وقررت بكل جرأة وبلا هوادة طرح المياه الملوثة نووياً في البحر.
وفي الواقع، فإنّ فريق عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أجرى تقييماً للسلامة، وأصدر تقريره في اليابان، كان لديه تفويض محدود كما هو متفق عليه بين اليابان والوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أنّ الوكالة غير مخولة بتقييم الاحتمالات البديلة عن خطة التّصريف، ولذلك، فإن اليابان لا يمكنها استخدام تقرير الوكالة كحجة وذريعة لرمي المياه الملوثة نووياً في المحيط.
ولابدّ من الذكر بأنّ خطة اليابان للتخلص من المياه الملوثة نووياً في البحر ليست الطريقة الوحيدة للتعامل مع المياه المشعة.
ناهيك عن كونها بأنّها ليست الطريقة الأكثر أماناً، ولكن قبل اكتشاف كل الوسائل الآمنة الممكنة لتصريف المياه، فقد قررت اليابان ومن جانبها فقط، التخلص من المياه الملوثة وإلقاءها في المحيط وذلك للتخفيف من التكاليف الاقتصادية، واضعةً بذلك البيئة البحرية والصحة البشرية موضع الخطر الجسيم.
لطالما ادعت الحكومة اليابانية-على الرغم من أنّها لم تثبت صحة ذلك- من أن المياه الملوثة آمنة بما فيه الكفاية للشرب بعد أن يتم معالجتها، ولكن ووفقاً للبيانات التي أصدرتها اليابان، فإنّ أكثر من 70 بالمئة من المياه الملوّثة المعالجة التي يحتفظ بها في الخزانات لا تزال تحتوي على عناصر مشعة تتجاوز بكثير الحدود الطبيعية للتفريغ.
وفي الحقيقة، فإنّ التقرير الذي أصدرته اليابان أفاد بأنّ السمك الذي يتم اصطياده في الميناء بالقرب من المفاعل النووي المتضرر يحتوي على السيزيوم المشع أكثر بـ 180مرّة من ضعف الحد القانوني المسموح به في اليابان.
من المؤسف بأن رد فعل بعض الحكومات ووسائل الإعلام الغربية لقرار اليابان-والتي تميل إلى إثارة القضايا البيئية مثل حادث تشيرنوبيل النووي في الاتحاد السوفييتي عام 1986 والضباب الدخاني والعواصف الرملية في الصين في السنوات الماضية- كان سلبياً إلى حد ما، حيث أنهم يتجنبون الحديث عن المخاطر التي تشكلها المياه الملوثة المشعة على البيئة البحرية والحياة البشرية، كما أنّ البعض يرضخ لخطة اليابان، الأمر الذي يعري نفاقهم.
فالمحيط ليس سلة مهملات لليابان ولا للصرف الصحي، وبدلاً من التضحية بالحياة البحرية وصحة الإنسان، ينبغي لليابان أن تراعي المخاوف العالمية، وأن تفي بالتزاماتها الدولية وتغير خطة تصريفها، وأن تستكشف جميع الوسائل البديلة للتخلص من المياه المشعة الملوثة بطريقة علمية وشفافة وآمنة تحت إشراف دولي.
المصدر – تشاينا ديلي