“جنين” وغرب مات ضميره
افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
رغم كل جرائم الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في “جنين” ومخيمها، ورغم إرهابه المتصاعد هناك في كل ساعة، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة المقاومة الفلسطينية الباسلة، بل إن شباب المقاومة لقنوا المحتلين دروساً بليغة في الصمود، وجعلوا كل العالم يلتفت إلى قضيتهم العادلة، بعد أن رأى منهم الإصرار على الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم وحقوقهم المشروعة، في ظل تخاذل المنظمات الدولية، وصمت ما يسمى المجتمع الدولي، ودعم واشنطن للمحتلين وتسترها على جرائمهم.
“جنين” أعادت القضية إلى الصدارة اليوم، وأثبتت للغرب قبل الشرق أن الفلسطينيين متمسكون بثوابتهم ومبادئهم، جيلاً بعد جيل، ومهما حاول الاحتلال الإسرائيلي أن يطمس حقوقهم أو يقضم المزيد من أرضهم، فإنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل استعادة أرضهم وحقوقهم كاملة غير منقوصة.
ما يثير الاستغراب بعد كل هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم أننا لم نسمع من الأمم المتحدة ومن أمينها العام إلا عبارات “القلق” وكأن سيرة الأمين العام السابق “بان كي مون” وتصريحاته حول “القلق” المزعوم هو العنوان الأبرز للمنظمة الدولية، فلا اجتماعات، ولا نداءات، ولا مشاريع قرارات تحت الفصل السابع إن لم ينفذ الكيان الإسرائيلي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإن لم يوقف عدوانه الآثم فوراً، كما تفعل المنظمة حين يتعلق الأمر بقضايا أخرى تتحمّس واشنطن لإثارتها في أروقة الأمم المتحدة.
هي مفارقة غريبة عجيبة لمنظمة الأمم المتحدة التي يفترض بها الاستنفار لتطبيق البنود التي أنشئت أساساً من أجلها، وهي فرض الأمن والسلم الدوليين، وحماية الشعوب تحت الاحتلال، وليس الاكتفاء بالتعبير عن قلقها بشأن العدوان الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي والتفرج على ما يجري بصمت مريب.
والسؤال اليوم هو: أي خطوات قام بها مجلس الأمن الدولي لحماية الشعب الفلسطيني؟ وأي خطوات تحركت بها الأمم المتحدة فعلياً لوقف العدوان الغاشم على جنين؟ وهل تغني الإدانات الدولية للعدوان على الفلسطينيين؟ وهل تنقذ الدعوات الغربية لوقف القصف والتدمير وإنهاء قتل الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء المحاصرين في المخيم؟
ثمة ما هو مريب من قبل ما يسمى المجتمع الدولي، أو حتى المؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، وثمة ما هو غريب هذا الإرهاب المنفلت من عقاله من حكام الكيان الإرهابيين، من دون أي رادع يردعهم، ومن دون أي حديث عن قرارات أممية تكبح جرائمهم.
ولعل أكثر ما يدعو إلى الحزن، بل حتى الاشمئزاز، أن هناك في الغرب، وفي واشنطن تحديداً من يؤيد الكيان الغاصب، ويتحدث عن “حقه” المزعوم في الدفاع عن نفسه، وفي حماية مستوطنيه “المدنيين المساكين” متناسياً أنه للتو كان يصرخ عالياً للدفاع عن حقوق الإنسان في الصين وسورية وروسيا وغيرها العشرات من الدول.
لكن رغم كل هذا الأسى والاستهزاء من غرب مات ضميره فإن صمود الشعب الفلسطيني وتكاتفه حول مقاومته في جنين سطر نصراً جديداً سيسجله التاريخ في سجله الخالد، وسيؤكد للعالم أن جبروت الاحتلال الإسرائيلي سينكسر، وأن قوافل الشهداء سترسم فجراً جديداً لفلسطين.