الثورة – دينا الحمد:
“عباءة البحر وقصص الجديلة” لأوّل مرة بالعربية بعد أصداء عالمية؛ بورتريهات نابضة بتناقضات الحياة اليومية في فلسطين.. أما “عُبور” فمتوالية أبطالها النّساء والمهمّشون، عملان قصصيان للكاتبة الفلسطينية الشابة نيروز قرموط صدرا مؤخرًا في القاهرة عن “دار ميريت” للنشر بالتعاون مع “دار راية” للنشر والترجمة”، الأول قع في 212 صفحة، فيما يقع الكتاب الثاني في 248 صفحة، والكتابان بالعربية لأوّل مرّة، بعد أن كانت أقسام منهما ترجمت ونشرت في عدد من اللغات وحازت جوائز رفيعة وأثارت أصداء لافتة.
عباءة البحر..
العمل الأول هو مجموعة “عباءة البحر وقصص الجديلة” وتضمّ 15 قصة قصيرة، أشبه ببورتريهات مُلتقطة بحدقة سينمائية، تعرض لمشاهد وتناقضات الحياة اليومية في فلسطين، في غزة والقدس ومدن الضفة، وصولاً إلى أراضي الــ 48 ومخيّمات الشتات في الخارج، لاسيما حيوات النساء والأطفال والشباب، دون نسيان الهوية الإنسانية في بقعة جغرافية بعيدة بقلم يتقن “التناغم داخل الفوضى، في أقصى شكل من أشكال التحدي” كما جاء في إحدى المراجعات، تتسم قصص المجموعة بشفافية السرد بالتكثيف البلاغي والدلالي، وتجترح شخصيات “تتمرّد على الأدوار التي يُتوقع منها القيام بها”.
ويضمّ الكتاب لمحات من المراجعات التي تناولت القصص في الصحف والمجلات والجامعات الأجنبية؛ إثر فوز الكاتبة بجائزة “القلم” المرموقة عام 2017، وتصدُّر مجموعتها باللغة الإنجليزية قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في “مهرجان إدنبرة الدّولي للكتاب” في اسكتلندا عام 2019، كعمل أدبي يقدّم “منظور محلي لقصة عالمية ينسج الشخصي مع السياسي” بحسب المهرجان.
ويأتي هذا الإصدار بالتعاون بين “راية” الفلسطينية و”ميريت” المصرية كأشمل نشر لهذه المجموعة، والتي تُرجم جزء منها للغات الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والهولندية والكراوتية.
عُبور.. موسيقا السّرد..
الكتاب الثاني تحت عنوان “عُبور” هو متوالية من ثلاث قصص (نوفيلات) تدمج بين الخيالي والتوثيقي والفلسفي وأدب الرحلة، تشكل معًا حالة مخاض، وتلقّح السرد بلغة الشعر وموسيقاه.
تمثل قصة “ألفريدو روج” رمزية حياة الإنسان الفلسطيني في غزة بين حرب وسلام، وبين اضطراب وهدوء وانتفاضات، بأسلوب ساخر يسبر جدلية التناقضات، وتقارب قصة “النرد” موضوعة العودة ورمزية نهر النيل في رحلة العبور من صحراء سيناء، وواحات الفانتازيا والأسطورة المرافقة، في لحظة تبدو ساكنة في الواقع ولكنها كامنة عند ارتطامه بالخيال.
وتأتي قصة “كيف تستعيد النساء أجسادهنّ بعد الحرب” في قالب تشويقي ولغة استعارية مكتّفة “تصل الودّ بين صحراء وبحر، وتحقن الألم بين مدينتين”، مزاوجةً بين مدينتي غزة والقاهرة من خلال مناقشة أعمال النساء البسيطة والناعمة، والتي تلامس أدق التفاصيل المكوّنة للنسيج الاجتماعي: “تتمتع بقامة رصينة، مشدودة الساقين، محبّة للرقص، تجيده بثبات فرس تعلم كيف تقف على ساقيها.
الكاتبة مواليد مخيّم اليرموك للّاجئين الفلسطينيّين في سورية عام 1984، عادت وأسرتها إلى القطاع عام 1994، ودرست الصّيدلة وحصلت على بكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة الأزهر في غزّة، عملت في وزارة شؤون المرأة الفلسطينية، لها العديد من الدراسات والأوراق البحثية، ومئات مقالات الرّأي في الصّحافة الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة.