ظافر أحمد أحمد:
لا يوجد أيّ مؤشر على أنّ الأمن العالمي قابل للاستقرار قريباً، طالما أنّ الولايات المتحدة لا تتقبل حقيقة تعددية الأقطاب، ومبادئ المساواة في السيادة واحترام المصالح بين الدول الكبرى والصغرى.
يتظهّر الملف الأسخن حالياً في ارتدادات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد العالمي وخصوصاً على أمن الطاقة والأمن الغذائي..، وبالتالي المرجح عالمياً هو التدهور الاقتصادي الذي أكثر ما يمكن أن يظهر في اقتصادات الدول غير النفطية..
أمّا في الأنموذج السوري فالحالة تزداد خصوصية، فسورية بطبيعة الحال قبل الحرب مصنفة دولة نامية، وحالياً مواردها الطاقوية الأساسية بيد الاحتلال الأميركي وعملائه، الذين تمكنوا من خلخلة أمن الطاقة في سورية وخلخلة أمنها الغذائي.
وطالما أنّ الحرب الاقتصادية على سورية متصاعدة، فالأجدى بدلاً من التعويل على المتغيرات الدولية التعويل الأول والأخير على برامج محلية ورؤية محلية تتحدد ملامحها في الإصرار الشعبي قبل غيره على استعادة الثروة النفطية المستباحة، بما يرمم الأمن الطاقوي السوري وهو مدخل للوصول إلى أمان اقتصادي يمكن الركون إليه.
ومع التحشيد المطلوب في العقلية الشعبية السورية تجاه ضرورة استعادة الثروة النفطية المنهوبة، فإنّ الوصول إلى حراك شعبي داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلالين الأميركي والتركي وعملائهما ويقلب الطاولة على الاحتلالين، هو خير حلم وأفضل الطرق الموضوعية لاستعادة الزخم الاقتصادي السوري الذي يضمن مدخلاً لتحسين الواقع المعيشي.
ومن المهم القناعة أنّ (المقاومة الشعبية للاحتلال الأميركي والتركي هي إمكانية شعبية سورية صرفة)، فإنّ مبدأ الإمكانية الذاتية لكل أسرة سورية ضرورياً أيضاً للتعديل في طريقة إدارة اقتصاد أسري في عموم المناطق السورية يرتكز على الاقتصاد الزراعي، لأنّ التوجه الأسري تشوبه ارتباكات أبعدته عن الأرض والزراعة ودفعت الكثيرين إلى التركيز على الاستثمار في الدكاكين والسوبرماركات خصوصاً بسلعها الأساسية التي في غالبيتها مستوردة، والكافتيريات والمطاعم التي سلعتها الأساسية الأركيلة وتوابع تبعد الزبائن المتكاثرين فيها عن أيّ تفكير بكيفية ترميم الأمن الغذائي السوري.
حسبة بسيطة ترتبط بالكم الهائل لمصروف الكثير من الأسر السورية على (تكنولوجيا الترفيه وتطبيقاتها، وعلى الكافتيريات والمطاعم بمنتجاتها الترفيهية..، وعلى مطارح لا يطول ذكرها..) تؤدي إلى نتيجة ليست في صالح ترميم الهوّة بين الأسرة السورية وأمنها الغذائي.
ومع ذلك فإنّه لا بد من التنويه إلى أنّ وجهة النظر الواردة في هذه المقالة فردية، لأنّه لا يحق لأحد الإملاء على الآخرين، ولكن الواجب الإعلامي يستوجب التذكير دائماً بأمور تحتمل أن تكون مداخل لحلول تنعكس إيجاباً على اقتصاد الأسرة السورية، وتذكير البعض ممن (ينامون في عسل الترفيه) أنّ سورية صفتها الأساسية زراعية، ومواردها النفطية يستبيحها المحتلون وهي في حالة حرب ما زالت قائمة.