حتّى لا نَصِلَ إلى الفاقة!

د. محمد الحوراني:
منذُ عام 2011، والشَّعبُ السُّوريُّ يُعاني المرارةَ من ويلات الحرب والتدمير والتفجير وسرقة خيراته ومُحاولة تقسيم بلادِه، بعدَ أن اقتَطَعَتِ التنظيماتُ الإرهابيّةُ أجزاءً منها بمُؤازرةِ بعضِ الدُّوَلِ العربيّة والإقليميّة والعالميّة واستئجار المُرتزقة من أنحاء العالم كُلّها.
صحيحٌ أنَّ مُعاناةَ الشعب السُّوريّ لأكثرَ من عقدٍ من الزمن كانتْ كبيرةً وغيرَ مسبوقةٍ على مُستوى دُوَلِ العالم وشُعوبِه، لكنَّها لم تكُنْ في حجمِ المُعاناةِ والوجع والأسى الذي يُعانيهِ الشعبُ السُّوريّ في أيّامِهِ الأخيرة، وهي مُعاناةٌ اعتقدَ بعضُهم أنَّها ستتراجَعُ معَ الانفراجات السِّياسيّة التي أحدثَتْ خَرْقاً في جدارِ العُزلةِ التي عانتْ منها سورية في أثناء سنوات الحرب، بيدَ أنَّ “حاخامات” الحرب على سورية امتلَكُوا من أدواتِ الحصارِ ومُعاقبة الشَّعب السُّوريّ ما فاقَ الخيالَ، وتجاوَزَ التَّوقُّعاتِ كُلَّها، وإذا كانت التقاريرُ الأُمميّة تتحدّثُ عن ارتفاعِ مُعدَّلِ الفقر العامّ في سورية إلى 90% عام 2020م، فإنَّ الواقعَ المعيشيَّ والاقتصاديَّ والانحدارَ شبهَ اليوميّ لليرة السُّوريّة والتَّدَهْوُرَ في الوضعِ المعيشيّ للمُواطن، يُؤكِّدُ أنَّ الأمورَ تنزلقُ في اتّجاهِ الأسوأِ نتيجةَ الاستمرار في حصار الشعب السُّوريّ، في مُحاوَلَةِ أعدائِهِ قَتْلَهُ جُوعاً، بعدَ أنْ أخفقَتْ مُحاولاتُ قَتْلِهِ والقَضاءِ عليه بالحرب، معَ غيابٍ كاملٍ لأيِّ مُحاوَلَةٍ حُكوميَّةٍ تُؤدِّي إلى ابتداعِ سياساتٍ اقتصاديّةٍ مُواليةٍ للفُقراء، وراغبةٍ في الوقوفِ إلى جانبهم بهدَفِ وَقْفِ شَبَحِ الموتِ الزاحفِ إليهم على ظَهْرِ الفقرِ والفاقةِ والمُعاناةِ الاقتصاديّة.
لقد دخلَ الشعبُ السوريُّ واحدةً من أعقدِ مراحلِ حياتِهِ وأصعبِها، وممّا يزيدُ فداحةَ الأمرِ وحَجْمَ المُعاناة انعدامُ الرُّؤيةِ الواضحةِ لتحريرِ الأراضي المُحتلّة من الإرهابيّين واستعادة السَّيطرة على منابعِ النّفط وحقول القمح والخير في الشّمال والشمال الشرقيّ، إضافةً إلى ازديادِ حالاتِ الفساد وعدمِ وُجودِ رُؤيةٍ حكوميّةٍ واضحةٍ مُنحازَةٍ إلى مُعاناةِ الشَّعبِ السُّوريِّ ووَجَعِه.
مِنْ جهةٍ أُخرى، فإنَّ العَدُوَّ الصهيونيَّ الذي ما فَتِئَ يُحارِبُ الشَّعبَ والدَّولةَ السُّوريَّة لا يزالُ يُعَرْبِدُ في الأجواء السُّوريّة عبرَ تكرارِ اعتداءاتِهِ على الأراضي السُّوريّة، مُحْدِثاً مزيداً من المُعاناةِ والقتل والدَّمار، وهو دمارٌ يُضافُ إلى الجُوعِ والعطشِ الذي ما كانَ لِيَحْدُثَ لولا الدَّعمُ الصهيونيُّ الأميركيُّ التركيُّ للمجموعات الإرهابيّة الراغبة في القضاء على كُلِّ أملٍ في الحياةِ لدى أبناءِ شَعْبِنا.
إنَّ مُعاناةَ الشَّعبِ السُّوريّ ما كانتْ لِتَحْدُثَ لولا هذهِ الحربُ الإرهابيّةُ التي شُنَّتْ علينا والتَّواطُؤُ الغربيُّ والدعمُ الكبيرُ للمجموعات الإرهابيّة، لذلكَ فإنَّ أوَّلَ ما يُمكِنُ أن يُخفِّفَ حَجْمَ المُعاناة هذهِ إعلانُ النفيرِ العامّ وحشدُ جميعِ الطاقاتِ والإمكانات لتحرير الأراضي المُحتلّة واستعادتها من الإرهابيّين وأعوانهم، كما أنَّ من حقِّ الشعبِ السُّوريّ الذي عانى ما عاناهُ نتيجةَ الحرب والحصار والزلزال المُدمِّر أنْ يُوضَعَ في صُورَةِ ما يجري وحقيقتِه.
وإنْ كانتِ الغالبيّةُ العُظمى من أفراد الشعبِ السُّوريّ لا تَجِدُ قُوتَ يومِها إلّا بشِقِّ الأنْفُس، فإنَّ ثمّةَ كثيراً من الأسئلة التي تغصُّ بها حُلوقُ الشارع السوريّ، وهو الشارعُ الذي ما كانَ في يومٍ من الأيام إلّا مثالاً للأصالةِ والوطنيّة والانتماء والدِّفاع عن الأرض.
إنَّ سورية، على الرغم من كُلِّ ما أصابَها، قادرةٌ على النُّهوض ووَضْعِ حدٍّ لحالةِ الانهيارِ الاقتصاديِّ الكبير حينَ تتوافَرُ الإرادةُ والوعيُ والرغبةُ الجادّةُ في مُكافحةِ الفساد، فالشعبُ السوريُّ يمتلكُ إرادةً فُولاذيّةً عَجَزَتْ عن قَهْرِها أعتى جُيوشِ العالم، كما أنَّ سورية تملكُ من الإمكاناتِ والثرواتِ والمُقوِّمات والخيرات في باطنِها، والكفاءات على أرضِها، ما يُؤهِّلُها إلى السَّيرِ في اتّجاهِ مُستقبلٍ يليقُ بتضحياتِ أبنائِها وكرامتِهم.

آخر الأخبار
حلب تطلق حملة للكشف المبكر عن سرطان الثدي "مياه درعا" تكشف السبب الرئيسي لتلوث المياه في نوى مناقشة تطوير الاستثمار الوقفي في ريف حلب و"فروغ" المحال الوقفية وزير الأوقاف يزور مصنع كسوة الكعبة المشرفة جهود لتحسين الخدمات بريف دمشق دراسة إشراك العاملين في حكومة الإنقاذ سابقاً بمظلة التأمينات الاجتماعية أكاديميون يشرحون  الإصلاح النقدي والاستقرار المالي..  تغيير العملة سيؤدي لارتفاع البطالة ..اذا  لم ! مفاضلة القبول الجامعي تسير بسهولة في جامعة اللاذقية مرسوم رئاسي يمنح الترفع الإداري لطلاب الجامعات اجتماع الهيئة العامة لـ"غرفة دمشق": الشراكة لتعزيز الصناعة والتنمية الاقتصادية تبادل البيانات الإحصائية..  مشاركة سورية فاعلة للاستفادة من التجارب العالمية  " المالية"  تغيّر خطابها.. من الجباية إلى الشراكة مع " الخاص" الشيباني يجتمع مع وزير الدفاع اللبناني في السعودية ما دلالة انعقاد المؤتمر الدولي حول الأسلحة الكيميائية في سوريا؟ بخبرات سورية مكتسبة…عمليات قلبية مجانية بمستشفى ابن رشد في حلب صحة الأم النفسية، صحة الجنين.. كيف يؤثر التوتر على الحمل؟ صحة درعا تطلق حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي انهيار في مبنى "الداخلية" يخلف جرحى الضحايا تحت الأنقاض.. والطوارئ في سباق مع الزمن الشيباني يلتقي وزير الدولة الألماني للتعاون الاقتصادي في السعودية الشيباني يلتقي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في السعودية