الثورة- فادية مجد:
يشكو مزارعو سهل عكار في محافظة طرطوس من مشكلة أراضي أملاك الدولة المستولى عليها بموجب قانون الإصلاح الزراعي لعام ١٩٥٨، الذي حدد سقف الملكية حيث تم توزيع الملكية المستولى عليها على الفلاحين الذين كانوا يعملون بها عند المالكين الذين استولت الدولة على أراضيهم تطبيقاً للقانون المذكور بموجب عقود ايجار سنوية ، موضحين أن الأراضي المستولى عليها جزء كبير منها كان الفلاحون قد اشتروها من المالكين بعقود بيع خارجية قبل الاستيلاء ، ولكنها لم تسجل في الدوائر العقارية لجهلهم بالقوانين ، ولتضيع بذلك ملكيتها على الفلاحين ، ولو بقيت هذه الأراضي بيد المالكين لاستطاع المزارعون أن يثبتوا ملكيتهم لها .
بحكم القانون
وبينوا أن القسم الآخر من الفلاحين وبحكم قانون العلاقات الزراعية هم إما:(مغارسون أي مشجرون لهذه الأراضي ، أو مزارعون فيها ، علماً أنهم بحسب قانون العلاقات الزراعية يملكون نسبة ٤٠ بالمئة من الأراضي ، وسندات المغارسة موجودة عند الكثيرين منهم.
وأشار أصحاب الشكوى إلى أن وجعهم يكمن في أن قانون الاستيلاء أهمل كلّ تلك الحقوق للمزارعين ، ونقل ملكيتها للدولة التي هي راعية القانون ، ونقلها محررة ، أي أنهم لايستطيعون المطالبة بحقّ المغارسة أو المزارعة أو إثبات الملكية لدى المحاكم ، وفي هذا ظلم كبير للمزارعين ، مؤكدين استمرارهم بدفع أجور تلك الأراضي للدولة منذ أكثر من أربعين عاماً.
تساؤلات
ويتساءل المزارعون لماذا لاتنقل ملكية الأراضي للمزارعين ،كما تمّ وعدهم بذلك من قبل الدولة عندما تمّ الاستيلاء عليها ، وذلك من أجل أن يستفيدوا منها بالشكل الأمثل ، وإقامة المنشآت الزراعية عليها ، من خلال بيع تلك الأراضي للمزارعين بسعر مقبول يراعي كلّ ماسبق ويعود بالنفع على الدولة والمزارعين مع إصدار القوانين لذلك ، لافتين الى أنه تبلغ مساحة الأراضي في محافظة طرطوس المستولى عليها ١٢٨٠٠٠ دونم ، وهو رقم كبير جداً، وحسب كلام أصحاب الشكوى أنه اذا تم الاحتفاظ بهذه الملكية للمنشآت العامة على اختلاف أنواعها ، فإن المساحة المستولى عليها في المحافظة تكفي لوحدها لإقامة ذلك ، شاكين أيضاً من أن المخططات التنظيمية عند وضعها لاتراعي إن كانت الأماكن المراد إقامة المنشآت عليها أملاك دولة أم لا.
مساحات زائدة
رئيس دائرة أملاك الدولة والإصلاح الزراعي بطرطوس مضر حرفوش أفادنا بأنه بموجب قانون الإصلاح الزراعي رقم ١٦١ لعام ١٩٥٨ تمّ الاستيلاء على المساحات الزائدة على حدّ الاحتفاظ التي سمح القانون المذكور تملكها من قبل الأفراد للأراضي الزراعية ، حيث تم نقل ملكية هذه المساحات من اسم الأفراد الى اسم الدولة في قيود السجل العقاري ، ولتقوم الدولة بمعالجة وضع المساحات المستولى عليها في البداية عن طريق بيعها للفلاحين وقد سجلت بأسمائهم في السجل العقاري ، ليتم بعد ذلك وفي المرحلة الثانية توزيع هذه المساحات على الفلاحين وفق بحث اجتماعي في القرى التي تقع ضمنها هذه المساحات ، حيث سجلت بأسماء المنتفعين في قيود السجل العقاري ، ووضعت اشارة رهن على صحائف العقارات الموزعة تمنع التصرف بها إلا لغاية الزراعة لمدة عشرين عاماً ثم خفضت هذه المدة الى خمس سنوات ، سمح بعدها لهم بالتصرف بها تصرف المالك بملكه من حيث (البيع ، الهبة ، النقل للغير).
وذكر حرفوش انه في عام ١٩٧٤ توقفت عمليات التوزيع كما توقفت عمليات البيع منذ عام ١٩٨٦ ،موضحاً أنه في عام ١٩٨٠ صدر التعديل الأخير لقانون الإصلاح الزراعي بموجب المرسوم التشريعي رقم ٣١ حيث تم إدارة جميع العقارات المستولى عليها بموجب التأجير ، بحث اجتماعي ، أو فرض أجر مثل على واضعي اليد ممن لاتنطبق عليهم شروط التأجير بالبحث الاجتماعي وذلك في ضوء توقف عمليات البيع والتوزيع.
البحث الاجتماعي
وأكد حرفوش أن اللجان المسؤولة عن عمليات الاستيلاء تأخذ بعين الاعتبار جميع الحقوق العائدة للفلاحين الثابتة بموجب سندات رسمية موثقة من بيوع ومغارسات وسواها عند إبراز هذه السندات من قبل الفلاحين ، منوهاً الى أنه باستطاعة الفلاحين المؤجرين تلك المساحات استثمارها بجميع الطرق التي تسمح بها القوانين النافذة ، وخاصة المشاريع الزراعية ، ولكن لايمكنهم إشادة أي أبنية عليها إلا عند دخولها المخططات التنظيمية بعد نقل ملكيتها للوحدات الادارية وفق القانون ٢٧٣ لعام ١٩٥٣ .
وعن شروط البحث الاجتماعي افاد بأنها تتمثل بأن يكون من أهالي القرية أو من العاملين بالزراعة أو غير موظف ، ويكون متزوج ولديه أسرة، حيث يؤخذ بعين الاعتبار عدد أفراد الأسرة و الحالة المادية فيؤجر من هو أكثر حاجة والذي تكون ملكيته الخاصة من العقارات أقل من غيره.
ولدى سؤالنا أنه طالما صدر قرار بنقل ملكية املاك الدولة للمشمولين بالبحث الاجتماعي لماذا لايتم اصدار قرار مماثل للذين تمّ تأجيرهم ولم يشملهم البحث الاجتماعي بنقل ملكية الأراضي المؤجرة لهم منذ أكثر من أربعين عاماً أوضح حرفوش بأن الأراضي التي تم نقل ملكيتها هي الأراضي الموزعة من أراضي الإصلاح الزراعي وأملاك الدولة الجرداء وليست الأراضي المؤجرة.
أخيراً
فلاحون يعملون بأراضي أملاك الدولة المستولى عليها ويدفعون أجوراً منذ أكثر من أربعين عاماً وليس لهم حق تملكها أو التصرف بها على عكس ممن شملوا بالبحث الاجتماعي وقد اعطيت لهم تلك الأراضي من قبل الدولة ، ونقلت ملكية الأراضي لهم … فهل من قانون ينصف الفلاحين الذين استبعدوامن عملية نقل ملكية الأراضي لهم إنصافاً لهم بعد عمل في تلك الأراضي استمر أكثر من أربعة عقود ؟!!