ظافر أحمد أحمد:
تستحوذ مجموعة السبع الصناعية الكبرى على 60 بالمئة من الثروة العالمية، وتتحكم بالقرارات السيادية لشتى الدول عبر هيمنة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتطبيقات الأميركية بتسليح الدولار واستخدامه كعامل ضغط على أيّ دولة لا تعمل وفق المصلحة الأميركية.
ولكن تتغير قواعد اللعبة الاقتصادية العالمية بمبادرة من مجموعة بريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا) وهي دول تشكل 40% من مساحة العالم، و40% من سكان الكرة الأرضية..، إذ تؤكد بيانات تخصصية ومؤشرات البنك الدولي إلى أنّ دول بريكس ستوفر 32.1% من النمو الاقتصادي العالمي هذا العام في حين ستوفر دول الصناعية السبع الكبرى 29.9% منه فقط.
لذلك توجد دلالة كافية في تصريح مندوب جنوب إفريقيا لدى بريكس حول أنّ :(بريكس ليست مجرد قوة سياسية عبر محاولتها تغيير خطوط الصدع في مجال السياسة العالمية، بل تغير أيضاً ما يحدث في الفضاء الاقتصادي على مستوى العالم).
وفي شؤون هذه المجموعة أنّ قمتها التي ستنعقد في آب القادم في جنوب إفريقيا تحمل أنباء مهمة عن توسع المجموعة، إذ أكدت جنوب إفريقيا طلب 22 دولة الانضمام إلى مجموعة بريكس، وأنّ عشرات الدول الأخرى تسأل عن الانضمام للمجموعة.
ومن المسلمات أنّ قمة بريكس المرتقبة معنية بتفعيل دور بنك التنمية الجديد، (بنك بريكس) الذي يهدف لإنشاء بنية تحتية جديدة وتحسين جودة الحياة بالبلدان المساهمةـ، ولكنه يجسد الخطوة الأخطر الكفيلة بتحجيم دور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فضلاً عن أنّ بنك بريكس من خلال احتياطيات عملاته يساهم في حماية دول بريكس من عجز الموازنات ومخاطر تأرجح قيمة العملات.
وتركز بطبيعة الحال دول بريكس على تعزيز البنك الجديد في الحد من سيطرة أميركا والغرب على النظام المالي العالمي، وتوسيع تجربة مجموعة من الدول بجعل التبادلات التجارية بالعملات المحلية ك (اليوان والروبل والروبية…) وزيادة دور شتى العملات الوطنية في التعاملات التجارية.
وربما مع الزّمن يمكن أن تتطور هيكلية بريكس لتصبح كياناً متكاملاً على غرار الاتحاد الأوروبي، خصوصا أنّ الاتحاد الأوروبي بدأ يفقد دوره الاستقلالي ويخضع تدريجيا لهيمنة الولايات المتحدة التي تحوّله من مرتبة حليف أميركي إلى مرتبة أداة أميركية، بحجة الحرب الأوكرانية وضرورة حمايته والمخاطر على أمنه.
وفي تصريحات سابقة لبعض المعنيين بمجموعة بريكس تمّت الإشارة إلى إمكانية قيام دول بريكس بإطلاق عملة موحدة جديدة على أساس سلة العملات للدول الأعضاء تنهي بها هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي.
وسواء حدث هذا قريباً أم بعيداً فإنّ ما تحققه بريكس حتى الآن هو بداية رسم النظام العالمي الاقتصادي الجديد.