بعيداً عن الضجيج الحاصل الذي أعقب زيادة الرواتب والأجور، وبغض النظر إن كان مُحدثو هذا الضجيج على حق أم إن بعضهم بالغَ كثيراً وشطح في تهيّؤاته سأسرد لكم بعض القرارات حول الوضع المعيشي التي صدرت مؤخراً.
وقد بدأت عمليات إصدار هذه القرارات بالفعل وها هو أمامي القرار رقم / 1043 / تاريخ 22 حزيران 2023م والذي يحدد مقدار تعويض الاعتناء والصيانة المقرر لسائقي الآليات والمركبات والعاملين عليها في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وجاء التعويض متدرّجاً من / 5000 / إلى / 10000 / ليرة شهرياً، تبعاً لنوعية السيارة أو الآلية، فمثلاً السيارة السياحية والحقلية والجيب والبيك آب، والبيك آب دبل كبين والعاملين عليها يستحقون – على سنّ ورمح – خمسة آلاف ليرة لقاء الاعتناء والصيانة بها، فيما يستحق العاملون والسائقون على الشاحنات بأنواعها، والسيارات ذات الاستعمال الخاص، ومركبات الأشغال، والمركبات الزراعية، التي يتجاوز وزنها الإجمالي 6 أطنان ولا يزيد عن 10 أطنان / 8500 / ليرة شهرياً… وهكذا.
ولكن أيها السائقون (المُغنجون) لا تفكروا أنكم ستحصلون على هذا الإغداق في التعويضات كيفما اتفق أو يحلو لكم .. هناك شروط (يا حبيباتي) وأبرزها حسن السلوك والانضباط والنشاط، نعم هكذا جاء في القرار، ومن الشروط أيضاً:
– أن يمارس المستفيد العمل وبانتظام خلال أيام العمل المحددة للآلية.
– أن لا يقل عدد أيام عمله عن 25% من أيام الدوام الفعلي.
– أن يُنفذ المستفيد من التعويض الخطة الموضوعة للآلية من قبل الجهة المشرفة عليها.
ومن يلتزم بذلك سوف يستحق 25% من التعويض فقط، لأن المهمة لم تنتهِ .. فاحترزوا أيها السائقون وتطلعوا إلى اكتمال التعويض، فبقية النسبة منه والبالغة 75% هي مقابل الصيانة والاعتناء، ولن تحظوا بها إلا إذا:
– قمتم بتأدية العمل بنشاط وبذلتم العناية اللازمة بنظافة الآلية والمحافظة عليها وإجراء الصيانة الدورية المحددة في الخطة الموضوعة من قبل الجهة المشرفة وفق أحكام المادة 20 من القانون 36 لعام 1980م (التي حددت كيفية وضع خطة الآلية)
– ثم أن يكون المستفيد انضباطياً وحسن السلوك في تأدية عمله .. نعم.
وعلى سيرة القانون 36 لعام 1980 فقد جاء في المادة 36 منه: (يستفيد سائقو الآليات والعاملون عليها من تعويض شهري مقطوع يسمى تعويض طبيعة عمل وصيانة واعتناء حده الأقصى (300)ل.س حسب فئات الآليات وأنواعها وطبيعة عملها)
غير أن الحكومة عدّلت هذه المادة – في إطار الإصلاح الإداري – ومرّرت قانوناً جعلت من خلاله هذا التعويض يتراوح بين 5000 و 10000 ليرة بدلاً من 300 ليرة، وهي تعتقد أن هذا التعديل قد رفع من قيمة التعويض ما سوف يشكل حافزاً قوياً عند السائقين لمزيد من العمل والنشاط وحسن السلوك إزاء ما سوف يُحدثه من رفعٍ لمستوى معيشتهم، ولكن تعديل هذه المادة في الحقيقة خفّض من التعويض كثيراً، لأن 300 ليرة في عام 1980 كانت تعادل اليوم نحو مليون و97 ألف ليرة كقيمة شرائية، فسعر صرف الدولار في تلك السنة لم يكن يتعدى 4,10 ليرات، وفي حين كان هذا التعويض يشتري فيه السائق خروفاً فإنه اليوم لا يستطيع أن يشتري فيه أكثر من 30 غراماً من اللحم..!
الإصلاح الإداري من المفترض أن يؤسَّس على قواعد تكفل النهوض والتقدم والوصول إلى نتائج أفضل.