الثورة- هفاف ميهوب:
ذات لقاءٍ مع الشاعر الفلسطيني «خالد أبو خالد»، أجاب ولدى سؤالنا له، عما إذا كان الأدب المعاصر قد تخلّى عن قيمه وأصالته، في ظلّ ما نعيشه من أزماتٍ ومتغيرات:
«عندما يكتب الأديب، يُسهم في حلّ الأزمة العامة والخاصة.. يكتب لمن يقرأه، ويحاول أن يستقرأ موقفه، ليكون بإمكانه بعدها، العيش في حالة رضا عن النفس لطالما، يؤدّي دوره ويقدّم رسالته..
أما عن منظومة القيم في أدب هذه الأمة، فلقد كانت إحدى الروافع الثقافية التي أنذرت بالكوارث والحروب قبل أن تقع، وهي منظومة لايزال يحملها الأدب المعاصر.. ذلك أنه يختزن في الوجدان الخاص، مايريد تقديمه للوجدان العام، وذلك بعد ملاحقته ومراقبته لحركة التاريخ بشموليّتها».
هذا ما أجاب به شاعر، كان يرى بأن الأدب الحقيقي، هو الأدب الذي بإمكانه، رؤية ما وراء الواقع من وقائع وأحداث، وبأن هذه الرؤية، هي من يجعل الأديب، يعبّر عمّا تتطلّبه منه قيم الأدب ونبل رسالته..
نعم، لم يفقد الأدب قيمه لدى «أبو خالد» ، ولم يفقدها أيضاً، وبرغم توالي الأزمات على سورية،
الكاتبة والأديبة «ناديا خوست» رأت، بأن ذلك يعود لكون الأدب، يتناول مادته ورسالته:
«يتناول الأدب مادته ورسالته، من الحياة الإنسانية.. يغمس ريشته في الأوجاع والأفراح.. يستجلي جوهر الواقع والزمن..
الأدبُ نداءٌ وخطابٌ ورجاءٌ واستنهاضٌ، لذلك لا يمكن أن يفقد رسالته.. إنها بوصلته المتّصلة بمادته وعمله.. ليست الرسالة أوامر أو توجيهات، إنها نداء الكاتب إلى الأجيال، كي تنحاز إلى مشروعه، وتتعاطف مع منظومته الأخلاقية والإنسانية»..
رأت «خوست» ذلك، وبأن الأدب الذي قصدته: «الأدب الحقيقي، لا النصوص السطحية، ولا الغدّارة التي تغيّر نداءها، كلّما تغيّر السوق.. الأدب الذي يطوّر منظومة الكاتب والأديب، بطريقةٍ ترتقي خلال الأحداث والأزمات، وأهم ما تتزوّد به هذه المنظومة، الدفاع عن الوطن، وهو القيمة الرفيعة التي أزهر فيها الأدب السوري.. واجبنا إذاً الدفاع عنه، ولا نسامح في هذه القيم العليا»..
باختصار: الأدب الحقيقي، والحقيقي فقط، لا يمكن أن يتخلّى عن قيمه النبيلة ورسالته الأصيلة، بل تتعاظم هذه القيم في الأحداث والأزمات، وهو ما حصل لدينا، على مدى الحرب الإرهابية، وما تلاها من أحداث مفجعة وموجعة.. أحداثٌ جعلت حتى الشعب، يتمسّك بقيمهِ وثوابته وأصالته، وبوعيٍ جعل الكاتب والأديب والشاعر «غسان كامل ونوس» يقول عنه:
«للحقّ أقول، ما أومن به، وكتبته منذ سنوات، بأنّ الوعي الشعبيّ العام، هو الذي حمى البلد، والكائنات المثقّفة، هي التي حصّنت، وتحصّنت والأمر لا يتعلّق بشهادة عليا، أو عقيدة بعينها، أو انتماء مشار إليه بل إنّ الأمر يتّصل بقيم، لا تزال قائمة، وخصال ما انفكّت أصيلة، وطباع ما برحت طيّبة هذا ما يفترض أن نُظهره ونركّز عليه».