الثورة- لميس علي:
في أحد الفيديوهات التي يتحدّث فيها الفيلسوف المعاصر “سلافوي جيجيك” عن الفرق بين أن تكون سعيداً وأن تكون حالماً.. يلاحظ أنه في التحليل النفسي ثمة خلاصة تفيد: (الناس لا ترغب أو لا تريد السعادة حقاً).
برأي “جيجيك” السعادة مسألة لا أخلاقية.. مستخلصاً (نحن لا نريد حقاً ما نعتقد أننا نرغب فيه)..
كأننا نتذرّع حضور الأشياء أو الأشخاص في حياتنا، وفق المثال الذي ذكره، فقط ليمنحونا دافعاً لتمضية الأوقات.. أو لجعل لحظاتنا أقل تعاسة..
وبالتالي الأشياء من حولنا ليست سوى ذرائع نوظّفها وفق مصلحتنا..
فهل فعلاً نحن لا نريد ما نرغب به..؟
وهو ما يخلق مسافة فاصلة بين الإرادة والرغبة.
في فيديو آخر، يتحدّث عن خوفنا من الوقوع في الحبّ ولهذا نحيا ونحن نتجنب الوقوع فيه.
ثمة صلة بين الفيديو الأول والثاني..
فسرعان ما يستشعر أي منا أننا نبتعد لا شعورياً عن رغباتنا وعن الحبّ.. أليس الحبّ أجمل وأقدس الرغبات..
فهل نحن نخاف من الوقوع فيه ونبتعد عن تحصيل ما نرغب به..؟
إذاً نحن نمارس الابتعاد خوفاً من كلا الأمرين.
أفرزت الحياة المعاصرة (السريعة أو السائلة) نمطاً من العيش، استهلاكياً، لحظياً، فورياً، غايته الاستعجال وعدم التأني أو التأمل..
وبالتالي نحن في ابتعاد مطّرد عمّا نرغب به ونريده..
فلا وقت لمعرفة ما نحبّ وكيف نختاره..
فكيف إذاّ علينا التمييز بين ما نريد وما نرغب..؟!
من الممكن أن نمتلك “رغبات وهمية”.. وربما كانت هذه وفق مثال “جيجيك”، ليست سوى دافع لعيش حلم ما.. حلم جميل.. تساعدنا لتمضية أوقاتنا لاسيما تلك الصعبة والعسيرة..
كأننا، لا شعورياً، في سعي دائم لامتلاك (أحلام/رغبات) مؤقتة.. إذ لا تهم ديمومتها مقدار ما يهم منحها إيانا الإحساس الوهمي بالسعادة.
يبدو تحليل “جيجيك” غاية في الأهمية.. لأننا طوال الوقت، إن تأمّلنا وفكّرنا بكل أفعالنا وقراراتنا نصل إلى أننا نتجنب فعلياً ما نعتقد أننا نرغب به.
فماذا عن إرادتنا..؟
هل نفعل ما نريده حقاً حين تتطابق إرادتنا مع رغبتنا..؟
في ظل كل التشويش المحيط بنا وكل المؤثرات الظرفية الخارجية.. كيف السبيل للوصول إلى إرادة حرة ورغبات حقة..؟
ثم كيف تبدو ذواتنا متجرّدة مما تريد ومما ترغب..؟
الرغبة في الحب.. الرغبة بالوقوع في الحب، تبدو أكثر الرغبات إلحاحاً للاتحاد مع الإرادة.. وهي بالوقت ذاته أكثر رغبة تعرينا من قشورنا الظاهرية..
بهذا الخصوص نحن، باللاوعي، نتجنّب رغباتنا (العميقة) منها.. لعلنا نهرب منها.. لأنها الأكثر كشفاً لمخاوفنا.
حين نتعرّى من رغبة الحبّ.. أي “ذاتٍ” نؤول إليها..؟
