محمد شريف الجيوسي ـ كاتب أردني :
يستخدم الدين من قبل قطاعات واسعة في الولايات المتحدة، لتكريس قيام إسرائيل كضرورة بحسبهم تسبق نزول السيد المسيح عليه السلام وحرب “هرمجيدون”؛ التي سينتصر فيها المسيح ويجلس على (العرش) لأجل إقامة العدل في الأرض حسب المعتقدات الصهيونية.
ويأتي هذا الترويج بغرض استخدام الدين ذريعة لاستعمار وتقسيم المنطقة العربية واستمرار إسرائيل وتكريسها، وزرع الفتن وتصنيع الإرهاب وعصاباته ، فمن خلال ترويج هذا، أمكن حشد ملايين الأمريكان البسطاء والأثرياء وعالي الثقافة ، لدعم المشاريع الإمبريالية التوسعية ، ونهب ثروات شعوب المنطقة، باعتبار ذلك بحسبهم (حكما إلهيا لا بد منه ) لنزول السيد المسيح عليه السلام .
وتذكّر ترويجات قيام إسرائيل كشرط لنزول السيد المسيح ، بحروب الفرنجة (لتحرير) قبر السيد المسيح، وهو الأمر الذي كان يخفي أطماعا توسعية أوروبية غربية بالمنطقة ، لا علاقة لها بدين ، وإنما للسيطرة على طرق التجارة وسرقة ثروات المنطقة.
كما استخدمت ذريعة الديمقراطية ، لإسقاط سورية ودول عربية أخرى لتبرير الحرب العدوانية على سورية بخاصة والمنطقة العربية بعامة، ونعلم كيف تم الاتفاق قبل 13 سنة وما يزال حتى الآن ، بين جماعات تزعم أنها إسلامية تتبعها عصابات إرهابية إسلاموية صنّعتها الولايات المتحدة وتركيا بمساهمة أطراف إقليمية بينها الكيان الصهيوني وبدعم من بون وباريس ولندن ـ لأن هذه الأنظمة خارج معادلة التبعية للغرب ، أو لانتهاء وظيفة أنظمة تابعة ،في مقابل تسليم “الاخوان المسلمين”؛ الحكم من الرباط حتى بغداد ، وفي آن تمزيق المنطقة مذهبيا وطائفيا ودينيا وقوميا.
وحتى تم استغلال تحرير المشرق العربي من الرجل المريض (السلطنة العثمانية ) وتم استعمار المنطقة ونعلم حقيقة ما جرى تالياً من تفتيت للمنطقة، وخلق الظروف المواتية لقيام المستعمرة الإسرائيلية .
كما استخدمت أمريكا وبريطانيا وغيرهما ذريعة أسلحة الدمار الشامل لاحتلال العراق وتدميره ، والآن يستخدمون محاربة الإرهاب وهم من صنّعه وهم الذين أمدوه وما زالوا بعناصر القوة والاستمرار في آسيا وإفريقيا ، كما اعتمر نابليون العمامة لتكريس احتلال مصر ، وكما حكم العثمانيون العرب 4 قرون تحت شعارات الإسلام.
لكن الذريعة الأشد خطورة ، استخدام مصطلح عودة السيد المسيح عليه السلام، مبرراً لقيام إسرائيل (كأمرٍ إلهي) ، مُستوجب التنفيذ وضرورة إيمانية حتمية، ترفع المعتقدون بها والعاملون لأجلها من العذاب وتدخلهم في (النشوة الدينية الكبرى وشرف لقاء السيد المسيح في السماء) قبل بدء الخراب.
فقيام إسرائيل واستمرارها كـجسم غريب في المنطقة ، يستوجب أن تكون هي القوة الأعظم في الإقليم ، وهذا يقتضي مشاغلته بالحروب والفتن والصراعات ، لاستنزاف قدراته التنموية في مختلف المجالات، وسرقة ثرواته وإبقائه في حالة ضعف ، وهو ما يحاولون تنفيذه كمثال في سورية الآن ، غيرها.
يذكر أن كتاب “يد الله” من تأليف الباحثة الأمريكية “غريس هالسل” ترجمة محمد السماك ، يكشف بالأسماء والأعداد ؛ المؤسسات المتلفعة بالدين والجهات الداعمة في الولايات المتحدة الأمريكية، إعلامياً واقتصادياً ولاهوتياً وتعليمياً وثقافياً، لكسب المزيد من المقتنعين بذلك، حيث عشرات ملايين الأمريكان يعملون لتكريس إسرائيل وخراب العالم كشرط إيماني بعودة السيد المسيح عليه السلام .