“الإعلان والإعلان المضاد” .. هذا ليس عنواناً لرواية أو فيلماً أو مسرحية، وإنما هذا هو واقع حال الحراك الأخير لبعض جهاتنا التنفيذية العامة التي أثبتت بالدليل القاطع والبينة الواضحة أن مؤشر التنسيق والتواصل والتعاون “الثنائي ” في أدنى مستوياته.
أما البداية فقد كانت من البشرى السارة التي أطلقتها وأعلنت عنها على الملأ وزارة الكهرباء لجهة التحسن القريب “أسابيع لا أشهر” الذي سيتم تسجيله على مؤشر الوصل لا القطع الكهربائي وذلك مع قرب انتهاء البرنامج الزمني الخاص بأعمال إعادة تأهيل وصيانة وإصلاح عدد من مجموعات وعنفات التوليد، لتأتي وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي هنا ودون سابق إنذار وتطلب من وزارة الصناعة إعادة تشغيل معمل السماد التابع للشركة العامة للأسمدة في مدينة حمص اعتباراً من 24 أيلول الحالي ولمدة شهرين متتاليين، ما يعني تجميد الوعد الذي أطلقته وزارة الكهرباء، أو ترحيله على أفضل تقدير إلى ما بعد بداية شهر كانون الأول القادم، نتيجة الكمية الكبيرة التي سيتم تخصيصها لإقلاع معمل السماد والتي ستتراوح ما بين مليون ومليون و300 ألف متر مكعب من الغاز يومياً وهي كمية تكفي لتوليد ما يقارب 200 ميغا واط يومياً وهي تعادل نحو 10 % من إجمالي الكمية المولدة على مستوى القطر.
نحن “وبالمطلق” مع تأمين كامل احتياج الفلاح من مادة الأسمدة لا جزء منه وتوفيره في الوقت المناسب والمكان المناسب والكمية المناسبة، ولكن هكذا قرار يحتاج “بالحد الأدنى” إلى دراسة جدية للحالة الفنية للمعمل وجاهزيته للعمل قبل أشهر من مرحلة إعداد الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم “2023 ـ 2024” لا بعد أيام من إقرارها واعتمادها رسمياً وإعطاء شارة المباشرة بتنفيذها، والوقوف على مدى الجدوى الاقتصادية من هكذا قرار لمعمل شبه متهالك ساعات عمله أقل بمئات إن لم نقل آلاف الساعات من توقفه وخروجه الدائم والمتكرر عن خط سير العملية الإنتاجية الصناعية.
نحن “وبالعشرة” من إعطاء الأولوية للقطاع الزراعي على حساب القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية والسكنية، ورفد المعمل بكامل الكميات التي يحتاجها من مادة الغاز لإنتاج مادة الأسمدة على اختلافها وضمان نجاح تنفيذ خطتنا الزراعية التي لا تملك في رصيدها أي كمية تذكر من مادة الأسمدة، ما يعني أن قرار إعادة تشغيل المعمل “شهرين + شهرين” لن يؤمن للفلاح أكثر من 15 % “في أحسن الأحوال” من كميات الأسمدة التي يحتاجها لزراعة محاصيله “الاستراتيجية والرئيسية”، وبالتالي اللجوء إلى لصوص السوق السوداء لتأمين باقي الكميات، والدخول في سجال طويل عريض مع من كان بها خبيرًا خلال عملية احتساب التكاليف “مدعوم ـ غير مدعوم”، وهدر كميات كبيرة من مادة الغاز خلال عملية تشغيل المعمل الذي لا يحتاج إلى إعادة إقلاع وإنما إلى إعادة بناء وتأهيل وتحديث من الألف إلى الياء.