أثارت الأرقام المعلنة مؤخراً من وزارة الزراعة ومفادها أن نسبة متوسط الاكتفاء الذاتي خلال الفترة بين عامي 2011 و2022 هي 73%، وبأن أغلب المحاصيل الاستراتيجية والرئيسية لدينا منها فائض كزيت الزيتون والفواكه برمتها، لهذا يتم تصديرها، العديد من إشارات الاستفهام والتشكيك بصحتها، ولا سيما أن واقع السوق يعاكس تماماً تلك الأرقام أقله لجهة قلة عرض المواد وارتفاع أسعارها بشكل كبير جداً.
ولأن التشكيك بموضوعية الأرقام جاء من جهات على تماس مباشر بالوضع على الأرض ومنها اتحاد الفلاحين ولجنة مصدري الخضار والفواكه عبر مسؤولين فيها، فمن الطبيعي أن يرى المزارعون والمختصون بالشأن الاقتصادي أنها غير واقعية وتندرج ضمن الأرقام الإعلامية البعيدة عن المحاسبة أو التساؤل والحجج القوية التي تحضر لديهم وأثبتتها السنوات السابقة خير دليل على أن الأرقام التي كانت تعلنها الزراعة عن كميات أو مساحات زرعت بمحاصيل مهمة واستراتيجية وتوقعت الجهات التنفيذية خيراً منها غير صحيحة ومعاكسة تماماً لما تحقق على الأرض ولا سيما أن متوسط الاكتفاء الذاتي حسب ما أعلنت وزارة الزراعة شمل مواد مثل البقوليات بأنواعها والشعير وزيت الزيتون والبصل والثوم والبطاطا واللحوم الحمراء والبيضاء وهي منتجات يعاني المستهلك السوري الأمرين لتحصيلها لقلة عرضها وارتفاع سعرها.
دقة وصحة الأرقام الإحصائية وبمختلف القطاعات كانت نقطة الضعف الأبرز للجهات التنفيذية وهي مشكلة كبيرة وذات تأثير سلبي في الواقع الاقتصادي بكل مكوناته ومع ذلك لا تزال هذه المشكلة بلا حل، لذلك غالباً ما كنا نرى ونسمع تصريحات متناقضة لمسؤولين تتعلق بالرقم الإحصائي، وهذا الاستهتار له تبعات كارثية لأنها تفضي بصاحب القرار الاقتصادي لوضع خطط وسياسات وسيناريوهات غير صحيحة، ويكون التقييم لها لاحقا غير واقعي والأخطر هنا الوصول لمرحلة تصدير القرارات بناء على تلك الأرقام الخاطئة أو غير الدقيقة، وما يلي ذلك من نتائج سلبية ظهرت جلية خلال السنوات السابقة وأوصلت الوضع لحالة من التردي غير مسبوقة في مختلف القطاعات الإنتاجية
الاستمرار بحالة عدم المسؤولية المعتمدة من بعض الجهات المعنية تجاه حساسية الرقم الإحصائي والعمل على تصدير وإعلان أرقام دون التدقيق من صحتها أمر لم يعد مسموحاً به بعد الآن، لا بل يستدعي المحاسبة، لأنه يضلل الجهات المعنية ويجعلها تعتمد قرارات خاطئة.
السابق