الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، أبدت المزيد من القوى في الغرب قلقها بشأن المدة التي يمكن أن تستمر فيها الدول الغربية في دعم أوكرانيا في هذا الصراع العسكري. على سبيل المثال، حذر البنتاغون الكونغرس من أن الأموال اللازمة لاستبدال الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا بدأت تنفد، واضطر بالفعل إلى إبطاء إعادة إمداد بعض القوات، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس .
ويأتي هذا على خلفية أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حقق الكونغرس الأمريكي تقدماً مفاجئاً وأقر مشروع قانون تمويل من شأنه أن يبقي الحكومة الفيدرالية تعمل حتى منتصف تشرين الثاني القادم. ولكن هذا يشكل درساً صادماً لكل من أوكرانيا وأوروبا، لأن الضغوط التي يمارسها الكونغرس بقيادة الجمهوريين قد تتخلى بسهولة عن أي برنامج مساعدات جديد لأوكرانيا من أجل تجنب إغلاق الحكومة.
وفي الوقت الحالي، يهيمن الخلاف والانقسام بين الحزبين في الولايات المتحدة بشأن المساعدات الأوكرانية على السياسة الأميركية. ومن المرجح أن تصبح قضية المساعدات العسكرية لأوكرانيا أحد المواضيع الرئيسية في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، مما يزيد من حدة النزاع بين الحزبين حول هذه المسألة.
ظاهرياً، يبدو أن عدداً متزايداً من الجمهوريين يعارضون تقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا، لكن في الواقع، يريدون إيجاد حل وسط بشأن الدعم المستقبلي لكييف، فهم يطلبون مراجعة المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه، يطالبون حلفاء الولايات المتحدة ببذل قصارى جهدهم لدعم أوكرانيا، حتى تتمكن واشنطن من تقليل المساعدات. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لا ترغب في تقديم المستويات الحالية من المساعدات العسكرية لكييف، لأنه ليس من مصلحتها الوطنية أن تفعل ذلك. ونتيجة لذلك فإن الدعم لكييف سوف يستمر على الرغم من المشاحنات الحزبية المستمرة.
في المقابل، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو هاوية لا نهاية لها من تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا. فقد عقد كبار الدبلوماسيين من جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي تقريباً قمة مفاجئة في كييف، وأكدوا من جديد التزام الكتلة تجاه أوكرانيا في اليوم نفسه الذي نشرت فيه وسائل الإعلام الأمريكية الحديث السيئ عن البنتاغون.
في الواقع، إن الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا يشكل فخاً نصبته الولايات المتحدة لأوروبا، كما أن انخفاض الدعم من واشنطن سيجبر الاتحاد الأوروبي على تقديم مستوى متزايد من المساعدات. وفي نظر العديد من الساسة الأميركيين فإنه من مصلحة بلادهم أن يسمحوا لأوروبا بتحمل المزيد من تكاليف الحرب الدائرة، فهم يعتقدون أن مساعدة أوكرانيا لا تصب في المصلحة الوطنية لبلادهم. ومع ذلك فإنهم يزعمون أن أوروبا لا ينبغي لها أن تقلل من مساعداتها؛ وإلا فإن القارة سوف تتأذى بشدة.
من ناحية أخرى، تجد أوروبا نفسها في قاع الفخ الذي نصبته الولايات المتحدة، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تظل مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا ثابتة، وهي في الوقت نفسه، مسألة خلاف حزبي في الولايات المتحدة. ولكن الأمر الأكثر صعوبة بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يتكون من 27 عضواً هو التنسيق بشكل كامل وتشكيل إجماع واسع النطاق حول نفس القضية.
وإضافة إلى ذلك، هناك قائمة متزايدة من الدول الأوروبية التي تعارض زيادة المساعدات لأوكرانيا. لقد بدأ العديد من الأوروبيين يدركون أن الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا يشكل في الأساس وسيلة مهمة للمناورة السياسية والمبادرة العسكرية لضبط وموازنة روسيا وأوروبا.
والسؤال هنا ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سوف يتبع الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة لخفض أو حتى إنهاء المساعدات المقدمة لأوكرانيا ذات يوم وهذا يعتمد على تطور الوضع في أوروبا. وبعبارة أخرى، فإن أوكرانيا سوف تضطر إلى التعامل مع دعم أقل من الاتحاد الأوروبي إذا واجهت القارة ركوداً حاداً وارتفاعاً في التضخم، إلى جانب تزايد المشاعر المناهضة للحرب في الاتحاد الأوروبي.
المصدر- غلوبال تايمز
