اصنعوا شبكة

لن يستغرب الكثير من المتابعين والمهتمين – على الأرجح – عندما يشهدون بعد حينٍ غير بعيد كيف يتدحرج سعر الصرف هبوطاً، وكيف ستستجمع الليرة السورية قدرتها وتستعيد شيئاً فشيئاً قوتها الشرائية.

صحيح أنّ هذه المسألة في ظاهرها اقتصادية بحتة، وهي بكل بساطة تتعلق بحالتي العرض والطلب للقطع الأجنبي، ولكن مع الظاهر الاقتصادي لهذه المسألة، هناك جانب جوهري يمكن أن نتلمّسه مهما بدا خفيّاً، أو قابعاً وراء ضباب العرض والطلب الذي يتذبذب ارتفاعاً وانخفاضاً بصورة سعر الصرف المُعلن، وهو الجانب السياسي الذي يلعب دوراً مؤثراً في هذه القضية، واليوم نشهدُ تألقاً حقيقياً لهذا الدور قد يسبب ذلك التدحرج، دور يرسمه الجيش العربي السوري في إدلب وريف حلب الغربي، وقد يكون أبعد من ذلك..

فالعلاقة بين الاقتصاد والسياسة علاقة وثيقة ومتلازمة، وكل منهما داعم للآخر، وأفضل الحالات التي يمكن أن تُترجم على الأرض هي حالة المواكبة بين السياسة والاقتصاد.

سورية – وعلى الرغم من الحرب والضغط والحصار – حافظت على براعتها المعهودة في الأداء السياسي، غير أن الاقتصاد لم يكن مواكباً لهذا الأداء، وفي معرض اللقاءات والاجتماعات التي تحصل مع دولٍ صديقة اعتاد الجانب الحكومي وجانب قطاع الأعمال على مقولة (السعي لتطوير العلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية) دون أن نلحظ أي شيء مؤثر من هذا القبيل على الأرض، تبقى الأمور الاقتصادية كما هي دون تسجيل مبادرات واضحة لمواكبة المستوى السياسي.

الاكتفاء بهذا القدر من أمنيات السعي، كأنه خلق نوعاً من البرود الاقتصادي واستسهال الحالة لتنسحب على الأداء الاقتصادي الداخلي، الذي يبدو مصاباً بنوع من الخمول والانكماش الطوعي عند المحركات الاقتصادية الحكومية والخاصة.

لاشك بأن للحكومة مهام وأعباء ضخمة فرضتها الظروف، وربما تكون هي معذورة – لجهة المبادرات – أكثر من قطاع الأعمال الذي يبدو في كثير من الحالات مكتفياً بالحد الأدنى الممكن الذي يجعله مستمراً، ويميل إلى حالة الاكتناز – ذهب وعقارات وأموال – أكثر بكثير من التشغيل والاستثمار، وهذ خطأ فادح ينعكس عليهم وعلى الجميع، لأن تجميد الأموال بهذه الطريقة يُفقدها وظيفتها الأساسية سواء في خلق الظروف الملائمة لتحقيق احتياجات الأشخاص، أو في تقوية الإنتاج في المجتمع بسبب قدرته على زيادة الإنتاج الخاص وهي هنا مُعطّلة، أو في تعزيز العلاقات الاقتصادية والمبادلات التي تربط بين الأفراد ببعضهم والمؤسسات ببعضها وبين الأفراد والمؤسسات معاً بسبب دور المال المؤثر، فتحريك الأموال بالمنحى الاستثماري يدير عجلة الاقتصاد وينعشه ويحسّن الأوضاع المعيشية.

نعتقد أن كل رجل أعمال بإمكانه أن يبادر وإلى حد كبير – وبدعم تشريعي ليس صعب المنال عند وضوح الصورة واشتداد العزيمة – لأن يخلق عشرات فرص العمل الجديدة عبر استثمارات إنتاجية وخدمية ليس بالضرورة أن تكون ضخمة، بل من الأفضل أن تكون صغيرة ومتوسطة (ورش وخطوط إنتاج صغيرة، محال تجارية، مطاعم، مكتبات .. الخ ) وتُدار بطريقة مبتكرة ذات جدوى، ومنتشرة في أماكن مختلفة، وستكون ذات عائد كبير على المبادر وعلى العاملين معه، وسيجد أن هذا المنهج أفضل بكثير من التفرج على الكنوز المختبئة، التي بدلاً من تجميدها ستكون ولاّدة لكنوز إضافية كمتوالية حسابية بلا نهاية.

فقط لنبادر ولنواكب العمل السياسي الذي يسير اليوم بخطى واثقة دون انتظار، كونوا فاعلين واصنعوا شبكة، ولا تكتفوا بالوقوف على الشاطئ تتأملون الأسماك وتشتهون صيدها.. أو تنتظرون من يصيدها لكم.

آخر الأخبار
زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا