الثورة – عمار النعمة:
لاشك أن ثمة رجالا في ميدان العلم والثقافة استطاعوا أن يحفروا في ذاكرتنا إبداعات لا تموت، فنحن وإن طالت السنون بنا نذكرهم بما قدموه وأنجزوه عبر سنين طويلة من التعب والجهد والعطاء، فكيف إذا كانت هذه الأيام ذكرى رحيل د.عبد الكريم الأشتر الباحث في ميادين العلم والمعرفة، المعطاء، الدمث، الأستاذ الأكاديمي، الرجل الذي زرع فنون الأدب العربي في نفوس الجيل المعاصر من أبناء الوطن العربي، والذي أحب اللغة العربية الى حد العشق فكان غيوراً مدافعاً عنها طوال حياته.
ولد عبد الكريم الأشتر في مدينة حلب سنة 1929م، وتلقَّى تعليمه الأول في أحد كتاتيبها (كُتَّاب الشيخ صالح)، ثم في مدارسها الرسمية، ومارس التعليم في ريف حلب بعد حصوله على الشهادة المتوسطة، وفي أثناء تعليمه نال الشهادة الثانوية سنة 1948م، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة دمشق والمعهد العالي للمعلمين وحصل على الإجازة في الآداب سنة 1952م، وكان من أساتذته الذين كان لهم أثر كبير في تكوين شخصيته وأدبه: الأستاذ سعيد الأفغاني، والدكتور إبراهيم الكيلاني، والدكتور جميل صليبا، والأستاذ شفيق جبري، والدكتور أمجد الطرابلسي. وكان من زملائه الأثيرين لديه: الأستاذ الدكتور مازن المبارك، والأستاذ عاصم البيطار.
عاد إلى حلب ودرَّس في ثانوياتها مدة أربع سنوات، وسافر بعدها إلى مصر لمتابعة تحصيله العلمي، فحصل على الماجستير في الأدب العربي من معهد الدراسات العربية العليا بالقاهرة سنة 1960م، وعيِّن مدرِّسًا فيه فور تخرُّجه، وحاز الدكتوراه في الأدب العباسي من جامعة عين شمس عام 1962م. ولما عاد إلى وطنه، عيِّن مدرِّسًا في جامعة دمشق سنة 1963م، وأصبح رئيسًا لقسم اللغة العربية وآدابها سنة 1968م، وارتقى إلى درجة الأستاذية سنة 1974م.
في سنة 1969م أُعير إلى الجزائر فدرَّس في جامعة وهران أربع سنوات، وفي سنة 1979م سافر إلى الإمارات المتحدة ودرَّس في جامعتها مدة سنتين، ثم عاد إلى جامعة دمشق وتابع التدريس فيها إلى أن أُحيل على التقاعد سنة 1988م، فانتقل إلى حلب ودرَّس في جامعتها مدةً تزيد على عشر سنوات.
كان الدكتور الأشتر عضوًا في:
جمعية النقد الأدبي
اتحاد الكتاب العرب
لجنة تحكيم جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لجنة تحكيم جائزة سلطان العويس
لجنة تحكيم جائزة الشيخة فاطمة آل نهيان للكتابة للأطفال
وحصل على جائزة ابن بطوطة للمخطوطات في عام 2007 من المركز العربي للأدب الجغرافي في أبو ظبي عن مخطوط لكتاب «الاعتبار» لأسامة بن منقذ.
أشرف على (وناقش) عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه في عدد من الجامعات العربية.
ألقى عددًا من المحاضرات على منابر عامة في مناسبات ودعوات شتَّى.
مثَّل جامعة دمشق في مؤتمرات علمية دولية عديدة خارج القطر.
كُرِّم أربع مرات بين سنتَي 2002م و 2004م في دمشق وحلب.
صدر عنه عدد من سلسلة أدباء مكرمون في اتحاد الكتاب العرب سنة 2006م.
توفي الأستاذ الدكتور عبد الكريم الأشتر في حلب في العاشر من ذي القعدة 1432هـ الموافق السابع من تشرين الأول 2011م… ونحن نقول إنه برحيل الأشتر يكون المشهد الثقافي والأكاديمي في سورية قد فقد رجلا من رجال الأدب الذين خدموا الثقافة العربية على مدى أكثر من ستين عاماً علماً وبحثاً وإبداعاً .
