الثورة – ترجمة ختام أحمد:
إنها ليست حرباً حقيقية بين طرفين، كما يدعي الإسرائيليون وتدعمها وسائل الإعلام الغربية، إنها مذبحة دموية يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، الذين يحاولون فك الحصار وكسر أسوار السجن المفتوح الكبير الذي يسمى غزة، ويتم سحقهم بواسطة القوة العسكرية الإسرائيلية.
بنادق M-16 خفيفة الوزن ضد دبابات ميركافا؛ صواريخ محلية الصنع (أكثر بقليل من قنابل أنبوبية طائرة) مقابل قاذفات القنابل الأمريكية الحديثة من طراز F-15 وF-16؛ والقنابل الفوسفورية والعنقودية المحرمتان دولياً، بضعة آلاف من المقاتلين مقابل 600 ألف أو أكثر من الجنود والشرطة الإسرائيلية المدعومين بالطائرات بدون طيار والمدفعية الثقيلة.
إن القنابل والصواريخ الأمريكية الصنع تعمل الآن على تحطيم ما تبقى من غزة، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية.
ومن المثير للاهتمام أن الطائرات الحربية والقنابل والصواريخ التي زودتها الولايات المتحدة لقصف المقاتلين والمدنيين الفلسطينيين يتم استخدامها في انتهاك لقانون الحد من الأسلحة الأمريكية الذي يحظر استخدام الأسلحة الأمريكية ضد أهداف مدنية، في تجاهل واضح للقانون الأمريكي.
تعيش إدارة بايدن حالة من الهستيريا المؤيدة للحرب على غزة، فالانتخابات الأمريكية المقبلة تقترب، ووسائل الإعلام الحكومية الأمريكية هي أيضاً في وضع الحرب الكاملة، حيث تصور الأحداث في غزة على أنها هجوم على الولايات المتحدة، وحزب الحرب في واشنطن يدعو للحرب ضد إيران التي، على حد علمنا الآن، لم يكن لها دور أساسي في هجمات غزة، وتقوم وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية والغربية على دعم هذه الفكرة وتعمل من أجل تصنيع وفبركة خبر ما من قبل المتشددين اليمينيين في “إسرائيل” وفوكس نيوز يقول إن إيران لها يد بالحرب.
لقد كنت أشاهد وأكتب عن معاناة فلسطين منذ حوالي 70 عاماً، لقد شاهدت ما كان من المفترض أن يكون جيباً يهودياً صغيراً يحتل قطعة أرض صغيرة في فلسطين، يتحول الآن إلى كيان غاصب محتل كافة الأراضي الفلسطينية ويسعى الآن إلى طرد الفلسطينيين من غزة لاستكمال احتلالهم وغطرستهم، فقد تحول هذا الجيب الصغير من قوة صغيرة إلى قوة تملك حوالي 200 سلاح نووي، وسيطرة غير مسبوقة على الكونغرس الأمريكي ووسائل الإعلام.
إن غزة، هذه التي يدعون أنها تحارب “إسرائيل” عبارة عن سجن عملاق في الهواء الطلق يعج بـ 2.2 مليون لاجئ فلسطيني طردوا من كيان إسرائيل المنشأ حديثاً في عام 1948. وتبقى “إسرائيل” وحليفتها الوثيقة أمريكا بكل حدودها البرية والبحرية.
يُسمح للفلسطينيين بالصيد على طول الشاطئ فقط وقد صادرت “إسرائيل” كل احتياطيات الغاز والنفط الساحلية.
فقد اعتبرت الولايات المتحدة، راعية وممولة “إسرائيل”، أنهما حققا نصراً بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وقد هلل الجمهوريون الأميركيون، الذين تحولوا إلى حزب ثيوقراطي يميني متطرف، لهذه الأخبار الطيبة.
ويعيش سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة على حافة المجاعة، وتتباهى “إسرائيل” علناً بأنها تسمح بدخول ما يكفي من الغذاء إلى القطاع لمنع حدوث مجاعة صريحة، والمواد الكيميائية لمعالجة المياه محظورة، ولا يتم تشغيل الكهرباء إلا لساعات قليلة يومياً لأن محطة توليد الكهرباء تعرضت للقصف من قبل القوات الجوية الإسرائيلية التي تزودها بها الولايات المتحدة، والمستشفيات ليس لديها أدوية تقريباً.
باختصار، ظروف الحرب في السجن المفتوح بائسة جداً.
إن العقاب الشديد والحصار لغزة هو جريمة بموجب القانون الدولي، فقد استخدمت “إسرائيل” الأسلحة والأموال التي زودتها بها الولايات المتحدة على نطاق واسع لمحاربة غزة، وهو انتهاك واضح لقانون مراقبة تصدير الأسلحة لعام 1976 الذي يحظر استخدام الأسلحة الأمريكية ضد السكان المدنيين.
عندما أنشأت الولايات المتحدة والأمم المتحدة “إسرائيل” في عام 1948، تم طرد ما بين 750.000 إلى مليون فلسطيني أصلي من موطن أجدادهم تحت تهديد السلاح أو فرارهم بسبب المذابح والتطهير العرقي. وقد تم تجريف قراهم.
وعندما احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية ومدينة القدس القديمة وضمتها في عام 1967، أصبح 500 ألف فلسطيني آخر لاجئين، وقامت “إسرائيل” بطرد ما يتراوح بين 50.000 إلى 250.000 سوري من الجولان الإستراتيجية، وتم طرد وتهجير البدو من صحراء النقب، كل هذا بدعم أمريكي وأوروبي متواصل حتى الآن على جميع الأصعدة.
هناك طريقتان فقط للخروج من هذه الفوضى الدموية، إما دفع ملايين الفلسطينيين إلى الصحراء في عملية إبادة جماعية، أو إنشاء دولة فلسطينية طال انتظارها بتفويض من الأمم المتحدة ولكن تم منعها منذ فترة طويلة بسبب الفيتو الأمريكي والتعنت الإسرائيلي.
المصدر – أنتي وور