الثورة – ديب علي حسن:
كل عام تطالعنا الدراسات النقدية والفكرية بموجة جديدة ورؤية مختلفة عن السائد، بل لا تقف عند حد الانتظار حتى تؤتي ثمارها ونضجها تقفز مباشرة إلى قراءات جديدة في المشهد الثقافي والأدبي.
ومن الملاحظ أن النقاد الغربيين بدؤوا الاهتمام بالتنمية أكثر من النقد التطبيقي وهذا ما جعل التيارات الفكرية تنهض من جديد.
تيري ايغلتون ناقد بريطاني وأستاذ جامعي له العديد من المساهمات التنظيرية في النقد الأدبي والثقافي وهو لا يكاد يستقر على نظرية حتى يطورها إلى نظرية أخرى.
فقد بدأ منذ فترة بمهاجمة (النظرية الاجتماعية والأدبية الحديثة, إلا أنه لا يقول إن الدراسة المشتركة للأدب والثقافة بحيث تشكل نظرية هو أمر بلا فائدة ونفع, بل على العكس من ذلك, فهو يؤكد أن مثل هذا المزج من شأنه أن يفتح مجالاً أوسع للبحث في مواضيع ذات أهمية كبيرة.)
وحسب الدراسات التي نتابعها وتترجم أعماله فإن
كتابه «كيف نقرأ الأدب»، يعود ايغلتون إلى شغفه بالتحليل الأدبي، وهو بداية يقر بنبرة يشوبها الأسى بأن فن تحليل الأعمال الأدبية يقترب “من الموت واقفاً على قدميه، شأنه في ذلك شأن رقصة القبقاب. فثمة تراث برمته أسماه نيتشه «القراءة البطيئة» معرض لخطر الاندثار من دون ترك أي أثر”، لذلك يسعى المؤلف إلى أن يؤدي دوراً في إنقاذ هذا التراث «بالاهتمام اهتماماً شديداً بالشكل الأدبي وبالتكنيك»، آملاً أن يكون كتابه هذا «دليلاً للمبتدئين»، وأيضاً «لأولئك المشتغلين حالياً في الدراسات الأدبية أو الذين يستمتعون بقراءة القصائد والمسرحيات والروايات في أوقات فراغهم». وثمة هدف آخر وهو إثبات «أن في وسع التحليل النقدي أن يكون متعة)،
اما كتابه الجديد كتاب فكرة الثقافة”، فهو كما تقول الناقدة بقالي حمزة يستند إلى مجموعة من المصادر والنظريات لفهم كيفية تعريف واستخدام مفهوم الثقافة في تفسير العالم والتفاعل معه. يشير إلى التناقضات في تعريفات الثقافة ومعانيها وكيف يمكن أن تكون متضاربة متناقضة.
يبحث إيغلتون في أصول كلمة “ثقافة” ومعانيها المتعددة والمتصارعة في سياق الجدل الفكري. يشير إلى أن الثقافة تطورت من وصف لحالة فردية إلى مفهوم يمكن أن يصف الوجود الاجتماعي في المجتمع.
الثقافة في أزمة: يعتبر إيغلتون أن المفهوم التقليدي للثقافة في حالة أزمة وتشهد التصورات الثقافية تغييرات جذرية. يلاحظ أن الثقافة قد تحولت إلى هوية خصوصية، وهذا التحول أثر على الصراعات السياسية.
وعن الحروب الثقافية: يبحث في صراع الثقافات والصدام بين المفاهيم الواسعة والصارمة للثقافة. يشير إلى أن الدولة تؤثر بشكل كبير في تحديد قومية الثقافة وتقديمها.
ويتناول الثقافة والطبيعة: ويشير إلى أن الطبيعة تهيمن على الثقافة في النهاية، ويربط بين الطبيعة والثقافة في سياق سياسي وتفسير القوة والمقاومة.
اما الثقافة المشتركة: فيتناول مفهومها ويستعرض أفكار ت.س. إليوت وريموند وليامز في هذا السياق. يختم بالتأكيد على أهمية الثقافة وضرورة توجيهها نحو السياق السياسي المستنير لتحقيق التوازن والتعايش.
وخلاصة القول، يتناول الكتاب فكرة الثقافة وتعدد معانيها ودورها في العلاقات الاجتماعية والسياسية، ويشير إلى التحولات التي مرت بها مفاهيم الثقافة على مر العصور، وكيف أثرت هذه التحولات على الصراعات والتفاعلات بين الثقافات.)
يبدو فعلا أن الثقافة ونظرياتها فعلا في أزمة بل في أزمات كبرى بدءا من المثقفين أنفسهم إلى دورهم في المجتمع إلى القراءات التي تتناول النظرية الثقافية وفروعها ..وهذا ليس على مستوى الوطن العربي بل في المشهد العالمي كله..وربما مرده إلى انعدام وجود القامات الفكرية الكبيرة التي كانت ذات يوم.