الثورة – ترجمة محمود اللحام:
تهدد الحرب على غزة، بتصاعد الصراع في المنطقة، وقد يخرج عن نطاق السيطرة. عند هذه النقطة يصبح التهديد بالتحول إلى حرب واسعة في المنطقة أكثر احتمالاً، مع تورط جميع الأطراف بشكل متزايد. فقد أطلقت “القوات الإسرائيلية” عمليتها البرية في غزة، لكن نجاحها كان مختلطاً إلى حد ما حتى الآن، حيث تقاوم غزة بشراسة.
علاوة على ذلك، فإن حملة القصف الضخمة التي شنتها “إسرائيل” بعد وقت قصير من عملية 7 تشرين الأول، والتي حوّلت أحياء بأكملها إلى أنقاض، أدت إلى إبطاء تقدم القوات البرية الإسرائيلية.
ولذلك يتساءل المرء لماذا شنت “إسرائيل” حملة قصف ضخمة على المدنيين.. الأمر متعلق بدور المؤسسة العسكرية الأميركية التي توفر أصولاً متقدمة في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع لـ “الجيش الإسرائيلي”، ومن المؤكد أن واشنطن تقصدت التدمير لغزة بشكل مباشر كي تنفذ الأجندات المعدة.
لذلك كانت النتائج كارثة إنسانية للفلسطينيين ولم تحقق أي ميزة عسكرية لـ “الجيش الإسرائيلي”. بل على العكس من ذلك، كلما زاد عدد القصف الجوي الإسرائيلي، زادت شعبية المقاومة، مما يوفر إمدادات لا نهاية لها من القوى البشرية الإضافية في المستقبل المنظور.
ومن المؤكد أن هذا ليس في مصلحة غزة، وخاصة سكانها المدنيين، ولا في مصلحة “إسرائيل” نفسها، لأنه يزيد من فرص تكرار هجمات 7 تشرين الأول، ومع معرفة ذلك، يبقى السؤال: لماذا تستمر “إسرائيل” في التصرف على هذا النحو؟ قد تبدو الإجابة بأنها تنوي ببساطة تحويل غزة إلى ركام، ولكن نمط الهجمات يشير إلى أن “إسرائيل” لا تتخذ كل القرارات من تلقاء نفسها.
بسبب المشاركة الأميركية التي تظهر أن المؤسسة العسكرية الأميركية عازمة ليس فقط على إطالة أمد الصراع لأطول فترة ممكنة، بل وأيضاً توسيعه من خلال إشراك قوى إقليمية أخرى بشكل مباشر. وهذه بالتأكيد ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها قوات البحرية الأميركية بهذه الطريقة، حيث أن دور الاستخبارات والمراقبة والاستخبارات الأميركية (وخاصة الطائرات بدون طيار) تشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية في أوكرانيا، حيث يتم استخدامها لتوجيه هجمات نظام كييف ضد أهداف عسكرية ومدنية في أوكرانيا وروسيا، والنتيجة هي سقوط آلاف الضحايا واستمرار الصراع، وهو على وجه التحديد ما يهم الولايات المتحدة أكثر من غيره.
وما ينطبق على أوكرانيا من الممكن أن ينطبق أيضاً على غزة.
باختصار، تريد واشنطن العاصمة ببساطة أن يستمر الصراع لأطول فترة ممكنة، نظراً لأهمية الاستثمارات الضخمة التي يقوم بها أعضاء الكونغرس الأمريكي في المجمع الصناعي العسكري (MIC) مما يعزز هذه الملاحظة. ومع أخذ هذا في الاعتبار، فمن الواضح أن المشرعين الأمريكيين عازمون على الحفاظ على حرب كبرى واحدة على الأقل أو أكثر في وقت واحد والتأكد من استمرارها لفترة كافية لتبرير استثماراتهم الضخمة في سوق الأوراق المالية.
ومن المؤكد أن قصف المدنيين في غزة هو السبيل إلى تحقيق هذه الغاية، لأنه سوف يؤدي إلى إنشاء جيش كامل من المقاتلين الفلسطينيين في المستقبل.
وسبق أن دعت دول لتجنب التصعيد، بما في ذلك قيام بعضها بالوساطة المباشرة بين الجانبين، ولكن دون جدوى، وروسيا من بين هذه الدول، حيث دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى وقف فوري لإطلاق النار لتجنب المزيد من إراقة الدماء. وفي الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة على الآخرين للمشاركة في هذه الحرب، وكما تصادف، فإن القوات البحرية الأميركية تستخدم الآن بعضاً من قدراتها على التزود بالوقود من أجل “مساعدة إسرائيل” كما يفترض.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الوسائل غير مجدية على الإطلاق بالنسبة لـ “الجيش الإسرائيلي” الذي لايحتاج إليها لتنفيذ عملياته في غزة، بل إن التزود بالوقود ضروري فقط للهجمات بعيدة المدى ضد أهداف على بعد مئات أو آلاف الأميال، مثل تلك الموجودة في العراق أو إيران.
وبشكل منفصل، تقوم الولايات المتحدة أيضاً بوضع أسطولها الجوي في خدمة “إسرائيل”، مما يعد بوضوح أنها تعمل لحرب طويلة الأمد.
ومن المهم أن نلاحظ أنه في الأشهر التي سبقت هجوم 7 تشرين، كان القوات الإسرائيلية والجيش الأمريكي منخرطين في مناورات حربية واسعة النطاق شملت إعادة التزود بالوقود جواً ونشر مكثف للقوات الجوية.
وتشير مثل هذه المناورات، قبل بضعة أشهر أو حتى أسابيع من الأزمة الحالية، بوضوح إلى أن القوات البحرية الأميركية خططت مسبقاً لما يحدث الآن، ولسوء الحظ، فإن الآلاف من المدنيين الفلسطينيين هم ضحايا عدوان الولايات المتحدة الدائم على العالم.
المصدر – موندياليزاسيون