الثورة – فاتن دعبول:
استضاف فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب ندوة حوارية حملت عنوان” الجسور الإبداعية بين الكلمة واللون، شارك فيها الشاعر والنحات نشأت رعدون، والفنانة التشكيلية ميساء عويضة، وأدار الحوار الأديب صبحي سعيد.
الإبداع هو التقاط الحدث
وكان الحوار مع الجمهور، ما أضاف على الندوة نوعا من التفاعل والحميمية، وخصوصا أن النحات رعدون يتمتع بروح الدعابة، هذا إلى جانب إبداعه في التقاط اللحظة والحدث، وفي رأيه أنه ليس هناك تعدد للمواهب، بل يوجد موهبة واحدة وهي الحالة الإبداعية، ويقول:
إن من يمتلك مطرقة وإزميلا لاشك إنه نحات، ومن يمتلك ناصية الكلمة فهو شاعر، والمهم في ذلك كله الحدث، لأنه هو من يصوغ شكل الحالة الإبداعية، وكيف تترجم على أرض الواقع، وبرأيه أن لكل حدث طريقة في التعبير عنه، فلحظة عشق تحتاج قصيدة، أما انهيار سد زيزون فلا تكفيه رواية، لكن الشهداء احتاجوا للخلود فكانت النصب التي تخلد بطولاتهم وتضحياتهم، فقد قدم لهم 72 تمثالا للشهداء، و23 نصبا تذكاريا هي شاهدة على إبداعه وفنه الذي قضى جل حياته يعمل ويكرس معاني التضحية والشهادة وقضايا الوطن.، وقد صنف بأنه النحات الذي أنتج أكثر أعمال فنية في العالم، وهنا يعترف بأنه مدين لمدينته حماة بإبداعه، ويفخر بأنه ابن أفاميا التي تهب الحب والجمال لكل مبدع وعاشق للجمال..
أما قضيته الكبرى فهي فلسطين، يكتب لها الملاحم ويصوغها حرة بدموع الثكالى والأطفال، وآخر قصيدة كتبها كانت عن” طوفان الأقصى” التي يقول فيها:
ففي وطني ومن وطني، ستبقى الشمس تشرق كل يوم
وتبقى وردة الجوري والزيتون والزعتر، ويأتي الموج يعانق شط ساحلنا
يغازله، يقبل خده الأسمر، ويهمي الغيم غطاء في مزارعنا
لنجني الحقل والبستان والبيدر، ويبقى الحب يحلق من مدارسنا
وتبقى روضة الأطفال تحت سمائنا تثمر، قناديلا تضيء الدرب، عناقيدا وأزهارا
أناشيدا مضمخة بعطر الحب، وتبقى الأم سورية.
فن وثقافة وعلاج
وبرأيه ليس مثقفا من هو ليس وطنيا، ويجب أن تسخر الجهود جميعها من أجل قضايا الوطن وقضية فلسطين على وجه الخصوص، فالأدباء على عاتقهم تقع مسؤولية إيصال المعلومة الحقيقية إلى الناس، ونشر الوعي بينهم.
وترى الفنانة التشكيلية أن علاقة الفن بالكلمة علاقة قديمة، ولكنها اختارت لنفسها لونا متميزا في تكريس بصمتها التشكيلية، فلجات إلى البيئة لتنهل من معالمها وتستمد من ألوانها ما يضفي على لوحتها نكهة التراث وعبق الأجداد.
وبرأيها أن الفن حاضر دائما في تفاصيل الحياة، ولذلك يجب العمل على الذائقة البصرية في كل شيء، فنشر الجمال في الأوساط الاجتماع هو ضرب من العلاج والاستمتاع براحة وسكينة، كمن يسمع موسيقا أو يعزف لحنا جميلا.
لذلك عملت على الإنسان وغاصت في مكنوناته، وشكلت حوارا مع الوجوه بتعابيرها المختلفة، يعينها على ذلك موهبتها التي اجتهدت وعملت ليكون لها ذاك الأثر في المشهد التشكيلي والبصري.
وبدورها كانت تجيب على أسئلة الجمهور لتصل إلى نتيجة مفادها أن الإلهام يصدر من داخل الإنسان، لأنه يعيش هواجس الفن في حالاته كافة، لذلك يكون الإبداع في أسمى حالاته، فهي ترى أن كل عمل يقدمه الفنان هو مشروع جديد، وهو تحد كبير له، ليصل إلى لوحة ناضجة في النهاية، ومن الأهمية بمكان صناعة لوحة تؤدي وظيفتها وتلبي الهدف وتليق بالمتلقي.
رافق الندوة معرض ضم لوحات للفنانة التشكيلية ميساء عويضة وصور لأعمال النحات نشأت رعدون تبرز فيها أعماله الضخمة التي تجاوزت في ارتفاع بعضها العشرة أمتار.