موقدو النور وحملته

الملحق الثقافي- رجاء شعبان:
بمنطق الحياة هناك شعب وأرض وملك أو قائد يقود الشعوب وسياسات تُرسم في كلّ المجالات تشكّل أنماط الحياة المُعاشة للدولة أو البقعة أو المكان والإقليم وتُنفَّذ سلوكاً وأفعالاً لاستمرارية وتيرة الحياة بجودة ونجاح..
هذا هو النمط أو الاتجاه العام لأي تجمع سكاني او إنساني بالمطلق سواء في الغابة أو أكبر مدنيّة ومدينة… ولكن في التفاصيل هناك تباين بين أفراد التجمّع ذاته من حيث القدرات والإمكانيات والاهتمامات ولنَقُلْ الاختصاصات…فالمخلوق بطبعه بحاجة لمن يقوده ويُشعره بكيانه وكينونته… فمن الناحية الروحية أو الدينية هناك الله هذا الأمان والإحساس المطلق بالوجود… ومن الناحية التطبيقية العملية هناك مرجعية فردية كانت وتتطور فمرجعية العائلة للأب كحماية مثلاً والأم حناناً… وإذا قسنا هذا المنظور وتوسّعنا به دائرياً وأفقياً ليشمل كل شيء… لابد من مرجعية عامة وأكبر وأكبر حسب الحاجات… فهناك مرجعية للحكمة وهناك مرجعية للقوة وهناك مرجعية للحماية والأمان وهكذا..
ومع تطوّر الإنسان والتجمعات إلى مجتمعات ودول وأوطان وقارات…. وتنامي الدول ثم تصغيرها بفضل تقدم العلم والتكنولوحيا ليغدو العالم كلّه قرية صغيرة وليغدو الخبر في آخر الدنيا يصل للجهة الأخرى من آخر الدنيا ذاتها… بل وللعوالم كلها تحت وفوق مرأى وبمحرّك الأقمار الصناعية والتفكير في السكن على كواكب أخرى وصناعة بشر وروبوتات آليين.. ونشوء ما يسمى الذكاء الاصطناعي وأشياء كثيرة مذهلة سنسمع بها لاحقاً…
مَن غدًا يدير هذا الشعب وهذا الكوكب؟ وما المحرك للشعوب لتنتفض بالثورات أو تهدأ وتستكين…؟ مَن يميّز الصح من الخطأ ويضع قواعد اللعبة بالقيادة والتحريك وطرح أفكار جديدة غير الأديان التي غدت تحت التأويلات والتجاهل مع بزوغ أفكار جديدة متطورة لعلماء اختصوا بالإلحاد وإثبات عدم وجود إله؟
الكون هذا الفسيح والكوكب هذا الصغير غدًا يتحكّم به ثلّة صغيرة من أصحاب الفكر والمعتقد والمال والسلطة…. ولم يعد التحكّم على مستوى المنطقة والإقليم… فمع تمدّد الدول ونشوء المحاور وطغيان الاتجاه الواحد ضاعت وتماهت الشعوب ومرجعيّتها البسيطة والمحدودة تلاشت وذابت في الغيوم وتصاعدت كما يتصاعد الدخان…. فنشوء الآلة وتطور الوسائل ومن ضمنها وسائل الإعلام والقفز التقني وانتشار الأجهزة وطغيان التقنيّة والآلة اضمحلت عضلات الإنسان الفكرية والجسدية وغداً هناك مَن يفكّر ويعمل عنه… بالبداية بدا الأمر جميلاً وفيما بعد خطراً داهماً… فمن يعلّم ويقود الشعوب وينوب عن ذاك الأب في العائلة والمدرّس في المدرسة؟.
لا شك دخلنا في تشعّبات من التساؤلات وطرح نماذج من تطور المجتمع العام وضياعه أو فقدانه لبوصلته بقيادة الآلة… الآلة المدخَل إليها جزء من العقل من دون عاطفة أو عاطفة من الانحطاط المزاجي الغرائزي من دون عقل حسب التوجهات ومَن وراءها..
ومَن وراءها؟ وراءها أصحاب فكر ونظريات وعلماء متعدّدي الرؤى والمعطيات يقودون المجتمع بل المجتمعات حسب المصالح والأهواء… وهذا المواطن السعيد أو التعيس الباحث عن قطعة حياة يعيش فيها ويستمتع بها… هل هو بِوارد التفكير برسم سياسات لحياته أم الاكتفاء بالعمل والحياة؟
طبعاً ليس بوارد رسم سياسات وإصدار كل الوقت قوانين… هو سيعيش وكفى ويترك الأمر لأصحابه ممن يرسمون السياسات ويعيدون إقلاع المراحل والعيش..
وهنا نصل للبّ الفكرة… ما دور المثقّفين والمبدعين في التأثير على مجتمعاتهم وفصل القضايا عن بعضها وإزالة الشوائب منها وتطوير طرق التفكير وتمييز الرّثّ من الغنّي وفضح العدو وإبراز الصديق والإضاءة على القيم الإنسانية؟
لهم كل الدور فمنهم يبزغ البذار الذي يزرعونه في أرض الأجيال… هم الحقل والبيدر مع أوطانهم وشعوبهم هم الصبح للإنسانية… لأنهم بكل بساطة ارتفعوا ورأوا مالم يرى سواهم…. هم الذين عانقوا الشمس وعلموا أن الصبح أتى… هم الذين يرسمون الطرق ويخططون الدروب لِجَني محصول جيّد يليق بجهد آبائهم ويثمر العمر المقتول بالتعب… هم ذاكرة الأجيال ووراثة أرض الفكر يتناقلوه من جيل لجيل ويسلمونه للأهل والأولاد لتكتمل وراثة الأرض…. … كل قضية مالم يُفهم أصلها وفصلها وعنوانها وهدفها وتفاصيلها وعمومياتها وأسبابها ونتائجها فهي بلا شيء… إلا المبهم.
المثقفون والأدباء أنوار عصورهم وشعلة دروبهم يحترقون ليضيئوا ويعيشون ويعلّمون القيم والمبادئ… فالشعب كثير عدد والمتنور كثير عدّة وإن اجتمعت العدة مع العدد صارت الحياة الحقّة…
ونحن في صراعنا مع العدو لن نقول أننا تربّينا على أدب سليمان العيسى كمثال في طفولتنا وعشقنا مثلاً لأعظم قضية هي فلسطين ببضع كلمات في نشيد تقول: فلسطين داري ودرب انتصاري… ونحن كشباب كذلك نعترف بعشقنا لأدباء المقاومة ومفكريها وشعرائها كمحمود درويش وغسان كنفاني وإدوارد سعيد… وغيرهم وغيرهم الكثير ممن رسموا ويرسمون معالم الطريق… وعبارة ماذا تنفع الكلمة بزمن الرصاصة خاطئة… فالكلمة هي الرصاصة بل أقوى… هي روح الرصاصة لكن بشيء جميل بل هي نار الرصاصة لقتل العدو والقبيح…. الأدباء والمفكّرون أصحاب المشعل والضّوء والنور والحياة يرسمونها مع أجيالهم وشعوبهم وذاكرتهم يصحون النيام ويبتسمون للقادم الجديد يكتبون بحبر الورد ويصنعون عطر المقاومة بالأدب… إنهم روح الشعوب ومحركيها وحركتها المتقدمة باتجاه الصحيح.
                           

العدد 1167 –  14-11-2023   

آخر الأخبار
من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة التراث السوري… ذاكرة حضارية مهددة وواجب إنساني عالمي الأمبيرات في اللاذقية: استثمار رائج يستنزف الجيوب التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها؟ تأسيس "مجلس الأعمال الأمريكي السوري" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وواشنطن تسهيل شراء القمح من الفلاحين في حلب وتدابيرفنية محكمة سوريا تلتزم الحياد الإقليمي وسط تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران مدينة طبية في إدلب..خطوة جديدة لتعزيز القطاع الصحي