«الفصل الرابع» مقالات في قضايا المسرح

الملحق الثقافي- ر – س:             

قد يتّهم الدفق الإعلامي الذي تتعدد وسائله اليوم أنه لا يدع مجالاً للعمل الإبداعي أن يأخذ حقّه من الرصد والمتابعة والنقد والتحليل والدراسة، ولاسيما في رصد الأعمال المسرحية، التي أفرد لها الناقد والكاتب المسرحي جوان جان صفحات متخصصة لها في كتابه «الفصل الرابع رؤى مسرحية» الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السوريّة للكتاب، ويعد الكتاب هو الجزء الثالث بعد كتابيّ» وراء الستار» و «مسرح بلا كواليس» متقصّداً الكاتب اختيار عنوان «الفصل الرابع» رغم أنه الجزء الثالث معتمداً المسرح في مرحلة من المراحل على نظام الفصول الثلاثة في المسرحية الواحدة أي أن الكاتب اختار عنواناً له علاقة بمفردات المسرح ولا يشير إلى أنه جزء آخر لكتابين سابقين وفقاً لما صرحه لصحيفة الثورة. وقد تألف الكتاب من ثلاثة فصول وهي قضايا وآراء وتجارب ورؤى في المسرح السوري ونوافذ على المسرح العربي.
المسرح شؤونه وشجونه
تحدّث الكاتب عن النص المسرحي المحلي شؤونه وشجونه، فتطرّق إلى قضيّة النص المسرحي السوري التي شغلت المسرحيين السوريين على مدى سنوات طوال، من البحث والتقييم ورصد ردود أفعال جمهور المسرح على هذا النص بمختلف توجهاته الفكرية والفنية، فقد كان للنص المسرحي السوري حضوره اللافت في المنعطفات التاريخيّة والمفصليّة التي مرت بها سورية ولا بد أن المتابع لحركة تطور النص المسرحي السوري يذكر الدور الذي قام به هذا النص في فترة الاستعمار الفرنسي عندما تحوّل الكتّاب المسرحيون السوريون في تلك المرحلة إلى كتّاب مقاومين من خلال مجموعة من النصوص المسرحيّة التي كتبوها والتي انتقدوا من خلالها الاستعمار عبر العودة بمضامين نصوصهم إلى فترات شحذ عزيمة الشباب الثائر في وجه الاستعمار لتلي ذلك مرحلة بث الوعي الاجتماعي وهي المرحلة التي امتازت بها نصوص الخمسينات والستينات لتأتي صدمة هزيمة ١٩٦٧ وليتحول بعدها الكتّاب المسرحيون السوريون إلى كتّاب ناقدين للهزيمة ومسلّطين الضوء على أسبابها، وصولاً إلى حرب تشرين ١٩٧٣ التي رصدها المسرح السوري عبر مجموعة من الأعمال وإن كانت قليلة إلا أن أثرها كان واضحاً، بالتحديد في الفترة ما بين ١٩٧٣ و١٩٧٥ واليوم ووفقاً لما ذكره كتاب الفصل الرابع أن المسرح السوري ونصوصه مأخوذين بتفاصيل ونتائج سنوات من الحرب على سورية، وأنّ المسرح السوري والنّص السوري تحديداً، قد تعامل بثلاثة أساليب مع التطورات السوريّة في السنوات الأخيرة، إذ فضّلت أعمال مسرحيّة أن تتناول موضوع الحرب وتأثيراتها ومفاعلها بشكل مباشر، وحاولت هذه الأعمال أن تحيط بموضوع الحرب من كافة جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والمعنوية، إلا أن بعضها وقع في مطب المباشرة أو الخطاب الشعاراتي، أو أنه قدّم رؤى ناقصة وغير مكتملة، وبالتالي غير قادرة على تقديم رؤية واقعيّة وموضوعية لما جرى على أرض الواقع بينما راح كتّاب مسرحيّون آخرون باتجاه تجسيد الحالة السورية بأسلوب غير مباشر عن طريق الترميز والإسقاط وهي طرق قديمة استخدمها المسرحيون السوريون منذ سنوات طويلة تمتد لمرحلة النص المسرحي الذي كتبه رائد المسرح السوري أبو خليل القباني، وهذا الأسلوب يتيح للمسرحيين أن يعبروا عن رؤاهم ووجهات نظرهم بإحساس أكبر بالارتياح، خاصة عندما تطل الحرب في هذه الأعمال بشكل شفاف وكخلفية للحدث الاجتماعي لا كمحرك له، أما الفئة الثالثة فقد آثرت الابتعاد تماماً عن موضوع الحرب إيماناً منها بأن المسرح ينبغي أن يظل بعيداً ومتسامياً، أو على الأقل متجنباً لطرح مواضيع المآسي والمعاناة متعددة الأشكال.
وكان لنظرة الكاتب شمولية باتجاه حركة الكتابة المسرحية في سورية في السنوات التي تلت مرحلة سيطرة كتابات رموز الكتابة المسرحية السورية نلاحظ تراجعاً محدوداً على صعيد نوعية الكتابة ومستواها في الوقت الذي أثبتت فيه مجموعة لا بأس بها من كتاب المسرح عندنا علوّ كعبها في هذا المجال وقدرتها على أن تسد جزءاً من فراغ تركه الجيل السابق، وقد ذكر الكاتب أن الهيئة العامة السورية للكتاب أسهمت بشكل إيجابي في تنشيط حركة الكتابة
المسرحية من خلال نشرها الدائم للنصوص المسرحية السورية ذات المستوى الجيد، كما أن مديرية المسارح والموسيقا من خلال مشروع دعم مسرح الشباب الذي انطلق في العام ٢٠١٧، قدمت أعمالا ً كتبها كتّاب مسرحيون سورييون ينتمون لأجيال مسرحيّة متعددة. ومن جهة أخرى لا يمكن القول إن النص المسرحي المتميز قد غاب في السنوات الأخيرة بخلاف مرحلة السبعينات عقد تألق النص المسرحي السوري وما أخذه من نقد وتحليل ودراسة .
في بعده العربي
تناول الكتاب المهرجانات المسرحية المحلية كمهرجان حماة المسرحي الثاني والعشرون، ومهرجان الشباب المسرحي الخامس في حلب، مهرجان الرقة الثاني، إضافة إلى المهرجانات
العربية وكيف كان مهرجان دمشق المسرحي فاتحتها،وكيف انطلق الفنانون المسرحيون السوريون نحو هذه المهرجانات، مقدمين ثمرة فكرهم وإبداعهم أعمالاً مسرحية تركت أثراً لا يمحى فيها، والدليل على ذلك كم الجوائز الذي حصلت عليه العروض المسرحية السورية في المهرجانات المسرحية العربية التي تعتمد مبدأ منح الجوائز في أنظمتها كما كان للمسرحيين السوريين مشاركاتهم الفعّالة في ندوات هذه المهرجانات النقديّة والتخصصية، فكانت آراؤهم وكلماتهم ورؤاهم في مقدمة الطروحات التي حفلت بها ندوات هذه المهرجانات.
وكان لأساتذة المسرح في بلادنا حضورهم المؤثر في المعاهد المسرحيّة العربية وبالتحديد في المعهد المسرحي في الكويت الذي درس فيه نخبة من أساتذة مسرحنا، فكانوا العمود الفقري لذلك المعهد لفترة طويلة من الزمن وتركوا أجمل انطباع عند طلاب المعهد الذين يتذكرون أساتذتهم السوريين بكثير من العرفان .
لغة المسرح
إن اعتماد الفصحى في العمل المسرحي كلغة وحيدة كفيلة بالحفاظ على الروابط التي تربط المواطن العربي بتاريخه وتراث أجداده، ولم يأخذ أصحاب وجهة النظر هذه بعين الاعتبار أن العمل المسرحي قد يطرح أفكاراً وموضوعات معاصرة ويقدم شخصيات من لحم ودم من الأحياء الشعبية وقاع المجتمع، وحتى من الطبقات الراقية التي مهما بلغ مستوى رقيها فإن العامية تبقى لغة حياتها اليومية، وهذه الدعوات إلى الاعتماد على الفصحى كلغة للعرض المسرحي لا زالت حية حتى يومنا هذا عند بعض المسرحيين العرب، ولاشك أنهم يمتلكون ما يكفي من الحجج والأسباب التي تجعل دعوتهم هذه صالحة حتى يومنا هذا ،
أما العامية في المسرح كانت وسيلة من وسائل بث السطحية والاستخفاف بعقول المشاهدين وجرّهم نحو السهل والمباشر ومحدود الأثر والتأثير في العرض المسرحي انسجاماً مع شباك تذاكر كانت اليد الطولى فيه لما يمكن أن يجذب الجمهور أكثر إلى صالة المسرح لا إلى ما قد يرتقي بالذائقة الفنية والفكرية لهذا الجمهور.
وهناك دعوات لما يسمى باللغة الثالثة أي الجمع في النص المسرحي الواحد بين العامية والفصحى، وبمعنى آخر ابتدع لغة هجينة تعتمد على المفردات الفصيحة بأسلوب مخفف قريب من العامية وهي أكثر النظريات المتعلقة بلغة النص المسرحي فجاحة وبعداً عن الجانب العملي وقد أثمرت هذه الدعوات أعمالا لم تلق نجاحاً يذكر لا على صعيد النص ولا على صعيد العرض، وقد اعترف أصحاب هذه الدعوات بعقمها وعدم واقعيتها وابتعادها عن المرونة المنشودة لأنها لايمكن أن تكون مناسبة لمعظم أنماط الكتابة المسرحية ومدارسها.
أمضى الكثير من الفنانين والفنانات حياتهم على خشبة المسرح فكانوا أوفياء لها، وقد أفرد لهم الكتاب مذكرات عنهم وعلى سبيل الذكر لا الحصر نذكر منهم رياض عصمت، أسعد فضة، مها الصالح وكما سميت راهبة المسرح، جيانا عيد التي لقبت ابنة المسرح التي لا تبتعد عنه، بسام لطفي، سحر مرقدة .
               

العدد 1167 –  14-11-2023   

آخر الأخبار
مشاركون في معرض دمشق الدولي لـ"الثورة": عقود تصدير وجبهات عمل من اللحظة الأولى  معرض دمشق الدولي .. عندما تحوك سوريا ثوب السياسة بخيوط الاقتصاد  توطيد التعاون التربوي مع هيئة الاستثمار السعودي لتطوير التعليم الافتراضي  د. أحمد دياب: المعرض رسالة اقتصادية قوية ومهمة  د. سعيد إبراهيم: المعرض دليل على انتعاش جميع القطاعات "نشبه بعضنا" أكثر من مجرد شعار.. الجناح السعودي يتألق في معرض دمشق..  بعد استكمال إجراءات فتح طريق دمشق- السويداء.. دخول أول قافلة مساعدات أممية إلى المحافظة محمد كشتو لـ"الثورة": المعرض نافذة حقيقية للاقتصاد السوري "المالية" تطلق "منصة الموازنة" لتعزيز كفاءة إعداد الموازنات الحكومية في جناح " الزراعة " منتجات للسيدات الريفيات المصنّعة يدوياً.. مساحة تفاعلية تجمع بين الخبرة والإ... تشغيل بئر مياه جديدة في حمص خطة شاملة لتعزيل وصيانة المصارف والأقنية في الغاب لعام 2025 انضمام المصارف إلى نظام SWIFT.. بوابة نحو عودة الاستثمارات وتعافي الاقتصاد مشكلة مياه الشرب مستمرة.. وبصيص نور كهربائي في تل الناقة طريق حلب- غازي عنتاب.. شريان سوريا الشمالي يعود للحياة من جديد منظمات خيرية تدعو لدعم فوري.. إشادة واسعة بمكافحة التسول في حلب وائل علوان لـ" الثورة": معرض دمشق الدولي منصة لتثبيت استقرار سوريا  معرض دمشق الدولي الـ62.. سوريا تفتح أبوابها مجدداً للعالم أونماخت يؤكد أهمية استمرار الحوار والتعاون البناء مع سوريا  "سيريتل" تطلق عهداً جديداً للتواصل والخدمات