قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
” دعوة المظلوم كالسهم.. تسافر في سماء الأيام لتستقر بإذن ربها في أغلى ما يملك الظالم”.
شكّل المرسوم التشريعي رقم ٣٦ لعام ٢٠٢٣ الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد أمس ويقضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16/ 11/ 2023 ، شكّل تخفيفاً كبيراً عن مرتكبي الجرائم ورفعاً للظلم عن المظلومين وأملاً للكثيرين في صدور مرسوم يقضي بتثبيت المتعاقدين مع الجهات العامة.
مرسوم العفو عن مرتكبي الجرائم يأتي استكمالاً لسياسة إفراغ السجون المعروفة بمصطلح “تبييض السجون” والتي تهدف إلى رفع الظلم عن المظلومين أولاً والهدف إنساني، حل مشاكل عدد كبير من الأشخاص المرتكبين لجرائم خفيفة ثانياً والهدف اجتماعي، استيفاء رسوم عن عدد من المخالفات ثالثاً والهدف اقتصادي، وحافظ المرسوم على الحقوق الشخصية للمدعين رابعاً والهدف قانوني.
المرسوم بأبعاده كان منتظراً من شريحة واسعة بينها المظلومون والمرتكبون بغير قصد أو عن عدم دراية بالقانون وحتى كذلك المرتكبون لجرائم بسبق الإصرار أملاً في الحصول على تخفيف في العقوبات ما لم يكن فيها ادعاء شخصي وقد تحقق ذلك للجميع ولا سيما للمظلومين.
المرسوم أحيا آمال شريحة أوسع وأكبر، شريحة فيها مَن ذرف دمعاً سخياً وما زال، ومنهم مَن ترك مكرهاً، ومنهم ما زال ينتظر، وأقصد شريحة المعينين في الجهات العامة بعقود سنوية وأغلبهم من ذوي الشهداء والرقم كبير وقد يزيد على ١٥٠ ألف متعاقد أي الأمر يعني أكثر من ١٥٠ ألف عائلة.
المثل يقول: عندما تُعطي غيرك بدايةٌ جميلة، حاول أن تُعطيهِ نهايةٌ أجمل، فلا تؤلم شخصاً بدأت معه بشكلٍ جميل، لأن العبرة دائماً في النهاية.
الدولة قدّرت تضحية الشهداء وعيّنت عدداً كبيراً من ذويهم ولا سيما في السنوات الأولى للأزمة قبيل أن يتم حصر التعيين بالزوجة أو الابن أو الأب والأم إذا كان العمر يسمح، وكما هو معروف القانون لا يسمح بنقل المتعاقدين من جهة إلى أخرى أو من محافظة إلى أخرى ومن هنا ينبع أمل المتعاقدين بالتثبيت، فمنهم مَن عاد إلى محافظته بسبب الظروف الصعبة، ومنهم مَن تزوجت خارج المحافظة المعينة فيها وتنتظر الالتحاق بالزوج، ومنهم مَن فقد بيته وأصبح يحتاج اليوم بعد ارتفاع أجور البيوت لضعف راتبه كي يستأجر منزلاً، ومنهم مَن ينتظر في ظل الظروف المعيشية الصعبة العودة لقريته وأرضه ليعمل بها لتساعده في تأمين احتياجاته وتحسين دخله، وهناك أشخاص مُعيّنون قبل الأزمة ومضى على تعيينهم أكثر من عشرين عاماً وعددهم كبير وهم اليوم على أبواب التقاعد ولكن أحلامهم بالتثبيت التي حملوها معهم منذ عشرين عاماً برَقت مع صدور مرسوم العفو أملاً بصدور مرسوم تثبيت لهم.
المظلومون والمقهورون والمحرومون ليسوا في السجون فقط، فهناك الكثير من الأمهات التي تترك أطفالها لعدة أيام لتداوم في وظيفتها خارج المحافظة التي تسكن فيها، ولكم أن تتخيلوا قهرها ودموعها وقلقها حرقة على أطفالها.
إن لم يكن التثبيت مطروحاً فليتم تعديل القانون بما يسمح بالنقل للمتعاقدين من محافظة لأخرى ومن جهة لأخرى.
معد عيسى