الثورة – إعداد ياسر حمزة:
في عالمنا اليوم، لا يمثل السؤال عن الطريقة المناسبة لعرض فكرة ما أمام مجموعة من الناس أية مشكلة ، فسواء أكنت في صف دراسي في مدرسة، أو قاعة محاضرات في جامعة، أو غرفة اجتماعات في إحدى الشركات، هناك عشرات الطرق للقيام بذلك.
لكن ذلك السؤال لم يكن ببساطته التي نعرفها الآن، حين واجهه الاسكتلندي جايمس بيلانس (1778 – 1864م)، وهو يدرّس الجغرافيا بالمدرسة الثانوية بأدنبرة.
لم تكن هناك في ذلك الوقت طريقة يمكنه من خلالها أن يعرض المعلومات المكتوبة أو المرئية التي يحتاجها خلال التدريس، كان الطلبة في مدرسته في ذلك الوقت، يستخدمون ألواحاً صغيرة للكتابة، وكان لكل طالب لوحته الخاصة التي يدون عليها شرح دروسه.
وكان على المعلم إن أراد أن يقدم معلومة مكتوبة لطلبته، أن يمر على كل واحد منهم، ويدون في اللوحة الخاصة به، تلك المعادلة الرياضية، أو الخريطة، أو بيت الشعر.
فكر جايمس بيلانس في طريقة تمكِّنه من شرح الدروس، وعرض الخرائط، والرسوم التوضيحية، من دون أن يكون مضطراً لنسخها عشرات المرات على ألواح طلبته.
وقاده تفكيره إلى ابتكار لوح كتابة كبير الحجم، مصنوع من الخشب، ومغطى بطبقة من حبيبات رملية خشنة، لتشكل سطحاً أسود، يستطيع أن يدون عليه ما يريد لمرة واحدة، وبحيث يكون مرئياً ومتاحاً أمام طلبته جميعاً في نفس الوقت ,وبذلك ظهرت أول سبورة عرفها العالم.
أصبحت السبُّورة منذ ذلك الحين شيئاً أساساً لا غنى عنه في قاعات الدرس, وانتشر استخدامها في كل مكان في العالم.
ومع مرور السنوات تطورت صناعتها، فأصبحت تصنع من المعدن، وتغطى بطبقة رقيقة من البورسلين الناعم، تسهِّل الكتابة عليها بواسطة الطبشور الذي يمكن محوه بسهولة.
كما أصبحت تصنع بأحجام وأشكال مختلفة، لتناسب استخداماتها المتعددة, فنراها كبيرة تغطي الجدار الأمامي في الفصول الدراسية وقاعات المحاضرات، أو صغيرة متحركة في ذلك الركن في غرفة طفل، يتعلم بواسطتها الحروف الأبجدية.
ونراها كذلك حاضرة بقوة في عالم الأعمال، حيث تستخدمها العديد من الشركات الكبرى في اجتماعاتها لعرض المعلومات ومناقشتها، كإحدى الوسائل التي تساعد على الوصول إلى حلول مبتكرة وأفكار إبداعية.
ربما لأنهم يعتقدون أن النظرية النسبية التي توصل لها ألبرت أينشتاين، يعود الفضل فيها إلى تلك السبُّورة السوداء التي كان يدون عليها ملاحظاته وأفكاره!
