الثورة – ترجمة مها محفوض محمد:
عنوان بحث قدمه الفيلسوف والمفكر الأميركي الكبير نعوم تشومسكي بعد حرب فيتنام، يحمّل فيه المسؤولية الأخلاقية للمثقفين الغربيين بأن عليهم القيام بدورهم انطلاقاً من معايير تقوم على الموضوعية والقيم الأخلاقية التي تتطلب توجيه النقد لسياسة بلدانهم وفضح الإعلام الغربي الذي تخلى تماماً عن الموضوعية بل يقدم سلوكا بعيداً عن الحقائق والوقائع كالذي يحصل اليوم في الحرب على غزة، حيث أظهر الإعلام الغربي حالة من السقوط المهني والأخلاقي والكذب الفاضح في تناول الأخبار وتزييف الحقائق خاصة في الأسابيع الأولى من الحرب.
وإن كان ما يصدر عن الدوائر السياسية الغربية من الانحياز الأعمى مع الموقف الغربي من دائرة الحياد يدعو إلى القلق ويعد بدمار ووحشية أكثر فإن ما يصدر عن الشعوب من ردود أفعال كالمظاهرات التي خرجت لتأييد فلسطين، يبعث على بعض الأمل رغم جبروت الإعلام الرهيب الذي يعمل على غسل أدمغة تلك الشعوب، وبعض الأصوات التي انبرت ضد الحرب على غزة وانتقاد “إسرائيل” أخذت تزداد:
الكاتب البلجيكي دانيال فانهوف صاحب كتاب (الديمقراطية كذبة) كتب في (LeGrand Soir) يقول: كفى كفى ! من سيوقف هذا الكيان الإسرائيلي المجرم عن هذه المجزرة؟ كفى اجتماعات ومؤتمرات عديمة الجدوى، كفى ظلم وقهر هذا الشعب وسجنه في معتقل وإفنائه، كفى قلباً للحقائق حيث المحتل القاتل يظهر بمظهر الضحية، كفى إفلاتاً من العقاب متجاهلين مطالب الشعب الفلسطيني بإحقاق العدل، حكوماتنا الغربية لم تترك له خياراً سوى المقاومة وأن ينظم نفسه ويتخذ المبادرة فوقت المواجهة المسلحة قد حان، الانطباع لدى الغرب كله الآن أن ليس أمام الفلسطينيين من خيار سوى قبول اللا مقبول.
إن عدم الاكتراث بشعب يرزح تحت نير احتلال إرهابي لا يحسب حساباً لأحد ويمارس سلطته الظالمة السافلة عليه سيضطر للمقاومة أو النزوح إلى دول مجاورة، الوضع المروع الذي نشهده اليوم هو نتيجة تدابيرنا الخسيسة والمتآمرة مع هذا الكيان المحتل، إنها أخطاؤنا.
وفي صحيفة لوفيغارو اليمينية، كتب أستاذ العلاقات الدولية سيباستيان بوسوا يقول:
لم تجرؤ الولايات المتحدة يوماً على تهدئة حليفها الإسرائيلي سيّما حول مسألة الاستيطان التي أوقفت كل إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية منذ سنين، فخلال سبعة عقود لم تتوقف المستوطنات عن التمدد وتجاوز الحدود التي حددتها الأمم المتحدة ضاربة عرض الحائط بوجود الدولتين. إن النظام العالمي الذي تشكّل مع نهاية الحرب العالمية الثانية والذي أقامه الغرب من أجل الغربيين يجب إعادة تشكيله بسرعة لدمج الدبلوماسيات الجديدة في العالم والدعم الأمريكي المفرط لإسرائيل سيعقد الأمور، فأمريكا لم تعد تربح حرباً ولن تحمل سلاماً بل هي تجدول ساحات دراماتيكية تفشل فيها كما حصل في فيتنام والصومال والعراق وأفغانستان.
وتحت عنوان “من هم الإرهابيون في غزة” كتب آلان كورفيز (باحث سياسي فرنسي ومستشار سابق للعلاقات الدولية في وزارة الداخلية الفرنسية) يقول: منذ ال٧/ اكتوبر/ ٢٠٢٣ جعلت دعاية الحرب الإسرائيلية من ثورة الفلسطينيين عملاً إرهابياً وتقديم معلومات خاطئة عن حماس وفيديوهات كاذبة خادعة تم تمريرها في وسائل إعلام فرنسية رئيسية وأوروبية تدار بأياد صهيونية.
والحقيقة أن سلوك إسرائيل الخارج عن القانون باحتلال الأراضي الفلسطينية بطريقة العنف أثار مقاومة الشعب الفلسطيني وما تقوم به إسرائيل لم يعد ممكناً في عالم جديد متعدد الأقطاب بعد الجرائم الفظيعة التي ترتكبها.
صحيفة اللومانيتيه L’Humanité الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، جاء في افتتاحيتها: يجب أن تنتهي الحرب على غزة فالوضع هناك من سيئ إلى أسوأ، المشافي التي بحسب القانون الدولي لها حماية خاصة تحولت إلى ساحات معارك وخرج معظمها عن الخدمة، أهل غزة يواجهون كابوساً مرعباً دون نهاية ودوامة العنف جهنمية، عدد الضحايا والجرحى يتزايد بشكل مرعب والعناية بهم لم تعد ممكنة لكن إسرائيل تدفع ثمناً غالياً لاعتقادها الخاطئ أن العنف يمكن أن يكون حلاً للصراع السياسي، إن السعي لوقف إطلاق النار وفتح باب السلام يتطلب التحرك بسرعة، فرنسا كغيرها من الدول سوف تتأثر بنتائج هذه الحرب وبالرغم من الفظاعات المرتكبة فإن الدعوة لوقف إطلاق النار للأسف يتم اعتبارها كدعم لحماس وأن الضحايا ليسوا من الفلسطينيين فقط بل من الجانبين، لذا يجب العمل بقدر ما نستطيع للخروج من هذا الوضع المعقد. فهو ضرورة ملحّة
المصدر – لوفيغارو – لومانيتيه -e Grand Soir L