الثورة – غصون سليمان:
تعددت الأذواق والفن واحد.. وما بين اللغة والحياة ثمة رابط من الفن تترجمه نظرة مستقبلية، لإبداع كامن في النفس، وأياد مطواعة تحول الجماد إلى روح، والصورة إلى شكل ناطق بهيئة الدقة والجمال، فمن جوهر التصميم يتميز عمود الإنشاء ليعطي للديكور وجهاً آخر يميز الصورة البصرية عن غيرها من الصور المتناثرة هنا وهناك.
فمنذ أربع سنوات المهندسة غزل الشيخ- خريجة هندسة عمارة لعام ٢٠١٩، اختصاص ديكور داخلي، وتدرس مادة التصميم في جامعة دمشق، بدأت مشوار التصميم والتنفيذ مع زميلتها المهندسة المدنية نور ديب خريجة جامعة حلب عام ٢٠١٦، اختصاص إنشائي، مشوار الشراكة الثنائي، حيث تميزتا في خوض التجربة العملية على أرض الواقع بفهم تفاصيل متطلبات العمل الهندسي أكان بناءً أم ديكوراً.
المهندسة غزل أعربت في حديثها لـ “الثورة” عن سعادتها وارتياحها للعمل مع زميلتها المهندسة نور التي تتمتع بالمهارة والخبرة الفنية من خلال إنجازها لعدد من المراكز الطبية والسنية، فهي توءمها في العمل حسب وصفها.
خارج حدود المحافظة
وتؤكد أن العمل ليس محصوراً في دمشق وإنما يمتد للعديد من المحافظات.. حيث تم إنجاز العديد من الشقق السكنية والمراكز الطبية وغيرها، منوهة بأن أكثر عملها هو التصميم على الحاسوب، وتهتم بحركات الأسقف وانعكاسها على الأرض، وكيفية توزيع الإنارة، فمن وجهة نظرها ليس المطلوب بالديكور حركة “التعجيق” كما يقال بالعامية، بل يمكن بكل لمسة خفيفة ناعمة أن تمنح وتغير في روح ومحيط المكان من جيد إلى أجود، فزحمة الألوان تخطف جمال الشكل والمضمون.
تحب مصممة الديكور استخدام الخشب الطبيعي، فعندما يضع المرء جزءاً من خصوصية الطبيعة في فضاء المكان يصبح للمكان شكل آخر، معربة عن ارتياحها للأشياء الهادئة الكلاسيكية، إذ تستهويها تقنية الحركات والتموجات الخفيفة في الأسقف بعيداً عن الدوائر “واللفات” والإنارة الفاقعة، لافتة إلى أن أكثر مرحلة يفرح لها القلب هي مرحلة الفرش والتي تحتاج زيارة السوق واختيار قطع القماش المناسبة لكل جزء من أجزاء المكان، الذي يتطلب التصميم والرسم والتطبيق ودمج الألوان مع بعضها البعض بما يريح النفس والنظر.
أما الألوان التي تفضلها غزل الشيخ فهي ترى بأن لكل شيء عين ترى بها، فالمكان الواسع والرحب يشجع على اختيار الألوان الجريئة القاتمة، على عكس الأمكنة الضيقة إلى حد ما إذ يفضل استخدام الألوان الفاتحة التي توحي بالمساحة الواسعة، كما تهوى فن الرسم حين تنتهي من أعمالها التصميمية التي تعكس شخصيتها من خلال اللوحات التي ترسمها.
رغبة الاختيار
وفيما يتعلق برغبة الاختيار ولمن تكون الكفة الراجحة توضح أنه في بعض الأحيان تتعارض رغبتها مع رغبة الزبون، وبالتالي تحاول قدر الإمكان إقناعه بوجهة النظر الفنية المناسبة والصحيحة.
وعن بعض الصعوبات التي تواجه عملهن سوية تذكران أنهما تشعران بضيق عندما يجتمع الإنشائي والمعماري مع بعضهما، فإذا كان الصالون على سبيل المثال فيه عمود بمكان غير مناسب نحاول قدر الإمكان تحويل هذا العمود إلى ركن يحسن من جمالية المكان، وهنا تضيف المهندسة نور ديب في هذا السياق أن هذه المعضلة تظهر عندما يكون يتم انجاز العمل الأولي، ويأتي من بعده من يكمل، بمعنى عندما ترسم المهندسة وتضع في بالها ما تريد من خطوات فنية هندسية وعلى أساسها تصبح الدراسة الإنشائية أكثر اتقاناً. وتؤكد المهندستان على أهمية أن تكون الدراسة متكاملة منذ البداية بكل خطواتها كي يكون التنفيذ على ما يرام دون عوائق وإن كانت صغيرة.
إلا أن ديب لفتت في حديثها لما يعتبره البعض في بلدنا بشكل عام على أن المهندس المدني له الأولوية، ربما أكثر من مهندس العمارة وهذا غير صحيح، وفق تأكيدها ففي الخارج المهندس المعماري هو من يرسم المخطط، والإنشائي يعمل على أساسه.
إشراف ثم تنفيذ
وحول تجربتها في العمل الهندسي تشير المهندسة ديب إلى أنها بدأت عملها كمهندسة مشرفة ما ساعدها على اكتشاف العيوب والأخطاء، وبالتالي علمها الكثير ومكنها من معرفة تفاصيل عديدة عن المهنة، لكن من وجهة نظرها ثمة فرق كبير بين أن يكون المهندس مشرفاً لدى شركة، أو أن يكون الشخص المشرف هو صاحب العمل، فاللونان مختلفان، موضحة بقولها: إن الشخص المشرف لا يتحمل مسؤولية الخطأ إذا وجد في أي كتلة إنشائية، على عكس المهندس المنفذ الذي تقع على مسؤوليته تصحيح وترميم أي مخالفة أو خطأ قد يحصل، وهذان الأمران منحاها من خلال التجربة والممارسة العملية، القوة والخبرة وتحمل المسؤولية على أكمل وجه.
وهذا ما عكسته من خلال عملها الإداري في نقابة طب الأسنان التي ساعدتها على فهم آلية العقود الخاصة بين الإداريين أو مع المتعهدين ولاسيما أنها كانت متميزة بمادة الإدارة والعقود في الجامعة، إذ لا يجوز الدخول لأي معترك من العمل إن لم يكن صاحبه ملماً به بشكل جيد.
المهندسة ديب أشارت إلى أهمية عملها واختصاصها بالمجال الطبي السني الذي أكسبها خبرة كبيرة نتيجة تنفيذها عدة مشاريع في دمشق.
أخيراً
يمكن القول: إن ما يلفت النظر في عمل المهندستين الشيخ وديب أنهما تعملان بمنتهى التناغم والتكامل والثقة بأن المرأة السورية قادرة على العطاء بأشكاله المختلفة، وقادرة على التميز والإبداع والحضور، حيث يتطلب أن يكون.
