سيطرت خلال المؤتمرات واللقاءات الصحفية وغيرها حالة البحث في صورة غزة بعد انتهاء العدوان الصهيوني عليها، بشكل يعكس أن انتهاء المواجهة العسكرية يستدعي البحث في آلية إدارة قطاع غزة مع التسليم أن العدو الصهيوني قد حقق أهدافه في القضاء على جسم المقاومة الفلسطينية كلها وحسم المعركة لصالحه واستعاد الأسرى وأنهى خطر التهديدات الفلسطينية بشأن المستوطنين في غلاف غزة وغيرها، وربما كان يأمل بإنهاء الوجود الفلسطيني كله في القطاع، بعد تهجير كامل سكانه إلى صحراء سيناء، وفق أهوائه، معبراً عن ذلك بتصريحات عدوانية مدعومة أميركياً على امتداد خمسين يوماً، لتكون النتيجة بعدها خارج تلك الرغبات وحددتها المعطيات على الأرض، وحددت شروطها المقاومة ذاتها، ولعل الشهادات القادمة من داخل أجهزة الإعلام الصهيوني ذاته تعطي صورة عما حصل بعد خمسين يوماً من العدوان الوحشي والهمجي على المواطنين في بيوت غزة ومستشفياتها ومدارسها تحت مسمع ومرأى الأميركيين والأوروبيين ممن كشفوا عن وجههم الاستعماري المستمر تحت قناع المبادىء الإنسانية المرفوعة، فكانت النتائج داعمة لانتصار السابع من تشرين الأول، ذلك اليوم الذي وضع كيان المسخ الصهيوني على محك الوجود والاستمرار، وفي شهادة القناة العبرية الثانية عشرة البرهان على خيبة العدوان
فمن تعجل في نعي المقاومة وكتائب القسام وغيرها من المقاتلين الفلسطينيين، عليه متابعة ما جرى يوم تبادل الأسرى حيث دللت الأحداث على سيطرة مطلقة لأولئك الفلسطينيين على الأرض.
فقد نجحوا في تطبيق وقف إطلاق النار في شمال وجنوب القطاع على الرغم من إعلان الجيش الصهيوني عن فقدان قيادات المقاومة السيطرة على عناصرها ولا تستطيع التواصل معهم.
كما نجحوا أيضاً في دفع “إسرائيل” إلى هدنة إنسانية على الرغم من تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى تدمير كامل القوة العسكرية للمقاومة الفلسطينية على كامل أرض القطاع.
وهكذا تم الإفراج عن كامل عدد الأسرى الذين تم الاتفاق على تبادلهم في الوقت المحدد؛ ما يدلل على أن قيادات المقاومة تسيطر على جميع مجموعاتها وعلى الحراس المكلفين بتأمين سلامة الأسرى وأن هناك اتصالات كاملة بينهم..وبذلك فإنهم يعترفون أن المقاومة ما زالت قوية على الرغم من العملية العدوانية المتوحشة الهائلة في القطاع، وأن المقاومة تسيطر وتدير وتنظم الأمور على المستوى القيادي والإداري بكثير من الدقة والالتزام بما يعني أن المشوار ما زال طويلاً أمام المعتدين، وأن عدوانهم لم يحقق أدنى الأهداف التي وضعوها وستكون خياراتهم صعبة بمواجهة ضغوط عائلات الأسرى والمستوطنين وانهيار معنويات الجنود وارتفاع نسبة الهجرة وعودة المستوطنين لبلدانهم التي جاؤوا منها.