الثورة – حسين صقر:
يختلف مستوى الدعم النفسي بحسب الظروف التي تمر بها المؤسسة التي يعمل بها الموظف أو العامل، وهذا ما يجعل الأمر مختلف من مؤسسة لأخرى بحسب أفق وفلسفة إدارتها، لكن تظل مسألة الأمان الوظيفي بشكل عام من أكثر المحاور التي تجلب الاستقرار النفسي للموظفين والعاملين مهما كانت ظروف العمل وصاحبه، سواء كان جهة عامة أم خاصة.
ثمة عوامل يتم الاعتماد عليها في بيئة العمل، وهو ما يرسخ العلاقة بين المسؤول والعامل، أو يجعل الأخير متقاعساً، أولها عدم الدعم النفسي والمعنوي والذي يسبق الدعم المادي، إذ الكثير من العاملين قبلوا بعدم التحفيز المادي لظروف تمر بها الشركات والمؤسسات التي يعملون بها، وذلك مقابل المعاملة الطيبة وكلمات الشكر والعرفان التي يسمعونها لتفانيهم بالعمل.
القاعدة العامة تقول: كل ما كان شعور الموظف بأنه شريك في العمل كلما كان النجاح مرهوناً بذلك، وكلما زاد استقراره النفسي، وزاد عطاؤه، إذ إن كلمة الشكر على الإنتاج تدفع بالعامل أو الموظف لبذل المزيد، أما عكس ذلك فيجعله متقاعساً، ويخاطب نفسه بأن تعبه لا يلقى الصدى المطلوب واللائق به، ولاسيما عندما يتساوى بمن يتقاعسون فعلاً عن أعمالهم.
ما سبق بالطبع يتطلب العديد من الإجراءات الإدارية للوصول لهذا المستوى من العلاقة، وتصبح الثقة اللبنة الأساسية للبناء والإنتاج.
أول تلك الإجراءات، ليس سماع المشكلة من العامل، ولكن الإحساس فيه، ومعرفة ما يزعجه وما يفرحه، وما يذلل الصعوبات أمامه وما يراكمها، ويكون الاجتماع بالعاملين ليس لسماع مشكلاتهم ومعرفة ما يتعبهم، بل لتلاوة الحل عليهم من المدير أو المسؤول عنهم، وتعريفهم بأن ما يعانون منه وصله، وهو اليوم لإقرار ما يريحهم قولاً وفعلاً، بحيث يغادر الجميع الاجتماع ليلمس تلك الحلول بنفسه من دون أي تنظير، بينما يكون الاجتماع أو اللقاء الثاني للمحاسبة على التقصير بعد تأدية صاحب العمل كل ما عليه من واجبات نحوهم، لا أن تكون اللقاءات جميعها نسخة عن بعضها، والنتيجة لاشيء من الطرفين، حيث المطالب ذاتها، والوعود أيضاً ذاتها، ولاشيء على الأرض، أو لا تقدم في العمل لا إدارياً ولا عملياً.
وعن هذا الموضوع يتحدث الخبير والمدرب في التنمية الإدارية محمود حلاوة بالقول: عند قيام أي عامل بعمل مميز يجب ذكره بالاسم والثناء عليه أمام زملائه ليكون ذلك حافزاً جديداً له ولهؤلاء الزملاء، إذا لن يتوانى في المرة القادمة عن تقديم الأفضل، بالإضافة لتشكيل ذلك الشكر دافعاً أمام الآخرين لتقليده والحصول على الدور الذي اكتسبه زميلهم، غير أن المكافأة الفردية قد تأتي في وقتها المناسب وربما تحل لهذا المنتج مشكلة يعاني منها.
– الرحلات الترفيهية..
وأضاف حلاوة لابد من اللقاءات خارج إطار وبيئة العمل، وذلك عبر تنظيم رحلة على نفقة المؤسسة، يحقق من خلالها صاحب العمل هدفين بآن معاً، الترفيه والترويح عن النفس للعاملين، وبذات الوقت شعورهم بأنه قريب منهم، وعندها يمكن أن يسمع مشكلاتهم خارج أجواء العمل الرسمي، وإذا كان العدد كبيراً يمكن تقسيم هؤلاء لمجموعات تقوم كل مجموعة بالذهاب يوماً، وإيصال ما حصل معهم للزملاء الآخرين، كي لا تتكرر المطالب والأحاديث، موضحاً أنه لهذا السبب تنظم بعض الدول الإجازة السنوية أو رحلة آخر العام داخلياً وخارجياً، كي يعود العامل أو الموظف مشتاقاً لعمله، تواقاً للعطاء المتجدد.
ونوَّه حلاوة بأن للدعم النفسي دوراً كبيراً في نجاح أو فشل أي عمل، ولهذا يجب أن يأتي ذلك للعمال والموظفين من خلال رسائل مادية وتحفيزية، لأنهم الأداة الرئيسية التي تعتمد عليها الشركة أو المؤسسة في إنجاز مسؤلياتها والتزاماتها، ومهما يكن المدير أو صاحب العمل حذقاً وذكياً لن يستطيع القيام بالعمل بمفرده، لأن العمل المؤسساتي أو الشراكي عمل جماعي ونجاحه من الجميع وكذلك إخفاقه.
– مبادرات ورسائل إعلامية..
وقال خبير التنمية الإدارية: غالباً ما تكون الرسائل بشكل مبادرات ورسائل إعلامية واضحة ترفع من الروح المعنوية وتبعث الطمأنينة في نفوسهم ووعود بتحسين أوضاعهم، وتخفف من الضغوط الناتجة عن التفكير في مستقبل وظائفهم، ولعل من أفضل وأسهل الخطوات هي قيام المديرين بإرسال الفيديوهات أو الرسائل النصية التي تبين أهمية العمل عن بعد ومدى صعوبته وكيفية تذليل تلك الصعوبات، وضرورة الفصل بين التزاماتهم العائلية وعملهم.
كذلك على المديرين أن يقوموا بإيصال معلومة إلى الموظفين تبين التزام الشركة أو المؤسسة تجاههم، وعدم تخليها عنهم في الظروف القاسية، وذلك بصيغ متنوعة يلمس خلال هؤلاء ذلك، ورسائل يبين فيها شكره للعاملين وثقته في أن الفترة الحالية للأزمة هي مهما طالت فهي قصيرة وعابرة ولن تؤثر على المؤسسة وخطتها الموضوعة للتطور والديمومة.
– الأمراض المزمنة والمستعصية..
وأشار حلاوة إلى أنه بقي أمر آخر يحمل الكثير من التأثير النفسي ويقدم الحافز والدافع للموظفين في المضي بكل همة وإصرار، وهو اهتمام الإدارة ببعض الحالات القليلة الخاصة وتقديم الدعم المادي لهم، ويشمل هذا الأمر بالذات الذين أصيبوا بالمرض العضال أو أصحاب الحاجة إلى العناية الصحية أو الذين لا تتاح لهم الفرصة للعمل، وعندها سيأتي اليوم الذي يفتخر به الموظفون بهذه السياسة وتكون دافعاً للمضي قدماً وزيادة الدخل والإنتاجية في المستقبل، وهو ما يزرع الطمأنينة في نفوس الآخرين بأن مؤسستهم لن تتركهم لأقدارهم.