الثورة- حوار: سهيلة إسماعيل:
ألهمته عروس الصحراء مدينته تدمر بمفردات طبيعتها البكر، فترجم الإلهام حباً وشعراً يمجدها ويتغنى بها، فكان كتابه الأول يضم كل ما كتب في تدمر من شعر “أغنيات إلى تدمر” الصادر عام 2002, ولأنه عاش تجربة شخصية خاصة مع ابنتيه فكان أماً وأباً لهما بعد وفاة زوجته، كان معظم شعره موجهاً للأطفال، فاستطاع الشاعر برهان الشليل الجمع بين مفردات الصحراء وبراءة الطفولة.
في “تدمر حكاية الزمان” الصادر عام 2006, ولأنه خاض غمار تدريس مادة اللغة العربية رأى أن توعية الأطفال تكون بما يُغنى ويُلقى فصدر كتابه الشعري “صديقتنا البيئة ” عام 2009, وكتاب “يا ربنا يا ربنا ” في العام ذاته وتم اعتماد بعض أعماله في منهاج مرحلة التعليم الأساسي، ولم تغب تدمر وولعه بها فكان عاشقاً يصلي في محرابها , فصدر له كتاب شعر للكبار ” ترانيم لسيدة المدن تدمر” عام 2019، وهكذا تنوع إبداع الشاعر بين الشعر للأطفال والكبار ومقالات نثرية في الصحف المحلية.
وللتعرف أكثر على المنتج الإبداعي للشاعر الشليل زرناه في منزله بمدينة حمص، وقطفنا عدة زهرات من حديقته الغنّاء التي تضم 11 كتاباً عدا عن الدراسات الأدبية والمقالات الصحفية المتنوعة.
البداية من تدمر
يقول الشليل عن فترة البدايات: تأثرت بأساتذتي وطريقة إعطائهم لمادة اللغة العربية منذ المراحل الدراسية الأولى, وكانت بدايتي الأولى خواطر نثرية يغلب عليها الطابع الرومانسي, وفيها الكثير من البوح الوجداني, وبعد حصولي على الثانوية العامة درست في المعهد المتوسط للغة العربية, وطوال مدة كتابتي للخواطر كانت موسيقا الشعر تتغلغل في نفسي فبدأت بكتابة الشعر للأطفال لشدة تأثري بابنتيَّ وكتبت للكبار, وبعض أشعاري الموجهة للأطفال تحمل قيمة تعليمية وقد لاقت رواجاً كبيراً, أما أجمل أشعاري عن مدينتي تدمر التي أحببتها وعشقتها وأحن دائماً إليها فمنها قصيدة بعنوان:”في الطريق إلى تدمر”:
ترابك تدمر يحلو بكل الحب يلقاني
أراهُ اليوم مخضَّراً وأهواه ويهواني
هنا أرضي هنا جذري هنا أهلي وخلاّني
سلاماً أمنا الأغلى وما أشجاكِ أشجان
الكتابة للأطفال بناء للمستقبل
وعن سبب توجيه معظم كتاباته للأطفال أضاف الشليل: حين نكتب للأطفال يعني أن نكتب للمستقبل ولفرح أيامنا القادم, والوطن الذي يحتضن الطفولة ويهتم بها يصنع مستقبله الجميل والواعد بين يديه, فالطفل هو الأساس في كل بناء, وأطفال اليوم هم رجال المستقبل غداً, إضافة إلى أنَّ الاهتمام بالطفولة واجب وطني لبناء وطن متماسك وقوي، بهم نبدأ ولهم نغني.
الشاعر ابن بيئته
وعما هو مطلوب من الشاعر إزاء ما يحدث في محيطه وبيئته قال الشاعر الشليل:
الشاعر إنسان وكائن حي قبل كل شيء, يملك الحس الراقي ويشعر بشعور الآخرين, يتأثر بما يجري حوله من أحداث, وكيف لا وهو الإنسان المرهف الإحساس, فمن منّا لم يتأثر بما يجري الآن في قطاع غزة من قتل للأطفال والنساء والشيوخ، إن عملية “طوفان الأقصى” هي انبعاث جديد لأمة عربية وولادة فجر جديد في تاريخ المقاومة لشعب عانى الكثير من ويلات الاحتلال.
فكل مواطن عربي يفتخر الآن بما يصنعه أبناء غزة، ولقد كتبت لهم قصيدة بعنوان”طفل غزة”:
أنا من غزّة أنا من غزّة
طفل يسكن وطن العزّة
ما ذنبي أقتلُ في بيتي
وبقربي قد تُقتل أختي
ماذا نفعل ماذا نفعل ؟
أطفال وشيوخ تُقتل
أقسم أبداً لن أستسلم
وبنصرك يا غزة أنعمْ
غزة غزة أرض العربِ
أرض جدودي النُّجبِ النجبِ
صدر لي كتاب هذا العام بعنوان:”الشهيد خالد الأسعد في عيون الشعراء ” لأنني تأثرت جداً بما حصل لأيقونة تدمر عالم الآثار الشهيد خالد الأسعد.
بين الشعر والنثر
وعن أي نوع من الكتابة يفضل وأين يجد نفسه وما رأيه بمقولة “موت الشعر” قال: أجد نفسي في كليهما معاً, ولكن الشعر يغلب على النثر لديَّ, لقد كتبت المقالات الصحفية والخواطر الأدبية, والقصة القصيرة, ودراسات بحثية أدبية نشرت في صحف محلية وعربية, لكن تبقى كفة الشعر هي الراجحة.
والشعر لا يموت لأنه لسان حال الأمة , والشاعر يفرح لفرح وطنه ويتألم حين تصيبه الملمات, وهو باقٍ ما بقيت الحياة, وطالما أن الإنسان يملك قلباً خفَّاقاً يحس به ويشعر بمن وما حوله .
السابق