يدافــــــعُ عـــــن الجنــــــون.. بإبــــداعٍ

الثورة- هفاف ميهوب:
عندما يسيطر الغضب على أديبٍ ما، نتلمّس ذلك في أعماله، فنشعرُ صمته الطويل ينتهي، عندما نقرأ كلمات انفعاله: “نحن في حاجة إلى الجنون لكشفِ زيفِ التعقّل والجبن واللامبالاة، فالجميع راضخون ينفعلون بالمقاييس المتاحة، ويفرحون بالمقاييس المتاحة.. يضحكون بالمقاييس المتاحة، ويبكون ويغضبون بالمقاييس المتاحة. لذلك ينهزمون بالمقاييس كلّها ولا ينتصرون أبداً”.
أما عن سبب هذا الانفعال، فيختلف في حدّته وأسبابه لدى المبدعين، ليكون لدى الأديب والمسرحي والشاعر “ممدوح عدوان” الذي أطلق تلك الكلمات، إحساسه بأن هذه الأمة لاتجيد الاحتفاء بجنونِ الإبداع، ولأنها حسب رأيه: “أمّة خالية من المجانين الحقيقيين”..
هكذا رأى “عدوان” هذه الأمة، بل ورأى بأن كلّ منّا فيها: “كلّ منّا يريد أن يُظهر نفسه قوياً وعاقلاً وحكيماً ومتفهماً، يدخل الجميع حالة من البلادة وانعدام الحسّ تحت تلك الأقنعة، فيتحول الجميع إلى نسخٍ متشابهة ومكرّرة ومملة..”..
إنه ما دفعه للتأمّل طويلاً “دفاعاً عن الجنون”.. جنون كلّ من خبرَ هذا العالم، بعد أن جرّبه وكتبه، بمدادِ الألم والحزن والقهر والانكسار.. كتبه ثمّ طرحه أمامنا، ليُشعر كلّ من لم يزده الويلُ العام غضباً وانفعالاً، بأن وجوده بأكمله مهدّد بالتلاشي بعد الانهيار ..


هذا ما أراد “عدوان” أن تراه هذه الأمة، وبهذا واجهها في كتابه الذي اعترف بعد مراجعته، بأنه قد صبر على جميع الخسارات التي مرّت بها، ورآها أكبر من كلّ هزائمها، وأشد ويلاً من النزيف الذي أصابها..
بهذا واجهها، ليكون من الطبيعي ألا يبقى فيها عاقل، لطالما كلّ ما ذكره يبرّر سؤاله وجنونها:
“لماذا لا نجنُّ وفي حياتنا شيءٌ يجنّن، وحين لا يجنّ أحدٌ، فهذا يعني أن أحاسيسنا متلبّدة، وأن فجائعنا لاتهزّنا، فالجنون لدى البعض منّا، دلالة صحيّة على شعبٍ معافى، وعلى أن الأصحّاء لم يحتفظوا بعقولهم لأنهم لا يحسّون، بل لأنهم يعملون، أو سوف يعملون، على غسلِ الإهانة”..
إنه انفعال مبدع رأى بأن صمت الكاتب لاينفع أمام أزماتِ الحياة، وعصر الخيانات والمؤامرات، ذلك أن مهمته أن يكتب إبداعاً ملتزماً يناولك نفسك.. أي ما تناسيته أو أهملته منك، وهو مافعله حتى في شعره الذي أكّد لنا، وبعد أن ناولنا أنفسنا:
“أننا نبكي لأننا لم نتعوّد على الذل ولم نقبله، وأننا ننزف لأننا لم نمت، وأننا نغضب لأننا لم نتأقلم مع الظلم.. إنه ينبّهنا إلى ما كدنا ننساه، ويذكّرنا بأننا أكبر وأعظم من يومياتنا.. أننا شيءٌ غير السعي والهروب والخوف والشجار، وبأن لدينا كرامة وأحاسيس، وبأننا قادرين على التمتّع بالجمال، مثلما على النفور من القبح والدناءة والحقارة، وبأننا كنّا أباة، نرفض الضيم مثلما الغدر والخيانة.

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر