كانت من أقدس المهن وأجلها، فهي مهنة العارفين المثقفين العاملين على خدمة الناس مسلحين بروح الطهر وعلو الهمة وصفاء النفس ونقاء السريرة.
اختارها المتعلمون مهنتهم في زمن الاستغلال والاستعمار كتعبير عن موقفهم، وسلوك يومي يدافعون من خلاله عن الحق ويقدمون في سبيله الغالي والنفيس باعتبارهم كانوا يرون في أنفسهم هداة وموجهين ومعلمين في زمن القهر والقحط والاستغلال والفقر، فكانوا نبراساً ونموذجاً مسجلاً في صفحات التاريخ المضيئة.
كانت تلك مرحلة يمكن للقائمين على هيكلها ضبط نواميس الصدق والعطاء وضبط الأخلاقيات والسلوكيات الصحيحة في زمن لم تفرض التكنولوجيا الحديثة حضورها وتأثيرها بعدما طال كل بيت في أركان المعمورة كلها، فأضحى بإمكان كل فرد الغوص في متاهات هذه التقنية التي أغرت الكثيرين بخوض مجاهل ومتاهات صاحبة الجلالة وشرعوا في تخريب تقاليدها ونواميسها ظناً من كل جاهل منهم أن بمقدوره تقديم رؤية أو تحليل أو دراسة تحمل الحلول للمشكلات وتطرح رؤى مستقبلية تخرج الناس من الظلمات إلى النور !!!!
فأي مهنة غدت؟ وأي طريق تسلك؟ وهل ثمة دور يرتجى في ظل كم التهافت على ولوج ميادينها من مدعيي المعرفة والعلم؟.
أسئلة تضع أصحاب الخبرة الفاعلين من المسؤولين في موضع لا يحسدون عليه، طالما استمر حال التطاول، في ظل تقصير من جانب المسؤولين عن إشاحة الطرف عما يحصل وتجاهل مؤشرات التردي المتوقع، وما يمكن أن يؤثر على مهنة تمثل إحدى أهم روافع الشعوب وتعد واحدة من أهم عوامل القوة التي لا يجوز التساهل في خسرانها أمام العجز عن تنظيم ممارستها، لتبدو مهنة عصية على الضبط والانضباط..