ظافر أحمد أحمد
تندرج البحوث العلمية وبحوث الرأي العام واستطلاعاتها واستبياناتها كأحد وسائل الهندسة الأميركية المطلوبة للعقل العربي، وتملك تلك المراكز شركاء نافذين بما يمكنها من ممارسة أعمالها وبحوثها بأريحية ضمن صفوف شعوب بعض الدول العربية.. وكذلك في مناطق محددة يعربد فيها النفوذ الأميركي وتقع خارج السيطرة الرسمية للدول التي تعاني من حروب أساسا طبختها الولايات المتحدة الأميركية.
أحد تلك المراكز أنجز استطلاعا للرأي العام مؤخرا شمل ست دول عربية توصل في نتيجته إلى أنّ الولايات المتحدة تخسر نفوذها بشكل قد يؤثر على أولويات الأمن القومي الأميركي..
“القذائف” الخطيرة يتضمنها التحليل الخاص بإيصال هذه النتائج إلى السوق الإعلامية العربية من وزن التوصيف التالي:(عقب الانسحاب الأمريكي من العراق، حدث فراغ استراتيجي أدى الى ظهور تنظيم “داعش” وما تلاها من حرب تسببت في مقتل الآلاف محلياً ودولياً، وتهجير الملايين من أبناء المنطقة، واضطر الجيش الأمريكي للعودة الى المنطقة بقوة للمشاركة في القضاء على “داعش”.).
هنا يعاضد الخطاب البحثي الخطاب الإعلامي الغربي وأدواته في المنطقة بهدف تبرئة الولايات المتحدة من تأهيلها لقادة داعش عبر مراكزها الاستخباراتية وسجونها التي تحوّلت في العراق خلال سنوات الغزو إلى مراكز تأهيل للمجموعات الإرهابية، بهدف أن تملأ الفراغ بعد الغزو، بالإرهابيين والفوضى والانشقاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ويراد أيضا من المتلقي العربي أن يتقبل عودة الولايات المتحدة ميدانيا بجيشها إلى أرض عربية مجاورة للأرض التي غزتها سابقا..، والأهم أن يغيب عن ذهنه السؤال: لماذا أساسا غزت الولايات المتحدة العراق؟..أليست هي من دمرته تخطيطا لإعادة رسم المنطقة سياسيا وجغرافيا وتفعيل أدوات الإرهاب فيه بما يتوافق مع الاستراتيجيات الأميركية المعلنة وغير المعلنة..؟
إحدى الجزئيات الواردة في البحث المشار إليه أنّه (نتيجة الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال حرب غزة، وصلت نسبة الثقة في الولايات المتحدة وتأثيرها بين شعوب المنطقة إلى أدنى مستوياتها، بينما تصاعدت نسبة التأييد لمنافسيها وخصومها الاستراتيجيين، ولكن يترافق ذلك بوجود تصاعد في المواقف التي ساهمت في تغذية عمليات التجنيد الإرهابية السابقة لتنظيم داعش أو القاعدة أو حتى الميليشيات..).
إنّها جزئية يمكن متابعة تطبيقاتها أيضا عبر رسائل إعلامية يومية تغزو الجمهور العربي، الذي عليه أن يعاني من الإرهاب كلما تراجعت ثقته بالولايات المتحدة، ويجب إرهابه بمخاطر تأييد خصوم الولايات المتحدة.
هكذا يتهندس العقل العربي الذي مازال بعيداً نسبيا عن تصنيف الولايات المتحدة كإمبراطورية متخصصة في تصنيع الإرهاب للمنطقة العربية وتعتمد على الحروب الناعمة كمقدمة لحروبها الميدانية العسكرية المتوحشة، ولتحصين نتائجها الكارثية على العرب قبل غيرهم.