الثورة – فاتن حبيب:
كثيرة هي الرحلات السياحية التي تقوم بها العديد من الجهات بهدف التعريف عن حضارة سوريا وعراقتها، وتعتبر قاعة بني قحطان من الأماكن التي يرتادها السياح والمغامرون للتعرف عليها.
الكاتب والباحث في التراث في الساحل السوري حيدر نعيسة، قال في حديث لصحيفة الثورة عن القلعة وتاريخها وأهميتها وعراقتها: تقع “قلعة بني قحطان” التي إلى الشرق من مدينة “جبلة” على بعد نحو 25 كم تقريباً، ورد تعريفها في معجم البلدان أنها حصن على سواحل حمص مقابل جبلة ومن ثم أطلق عليها اسم قلعة بني قحطان، أول تحصين بني فيها كان على يد البيزنطيين وتحديداً في العام 1030، أي قبل أن تتعرض في العام 1111م للاحتلال من قبل الصليبين الذين بنوا فيها بعض التحصينات، واستطاعوا الاحتفاظ بها لمدة عشرين عاماً، ثم استولى عليها سكان الجبل وأعلنوا طاعتهم للسلطان الناصر صلاح الدين الذي استولى عليها بنفسه لاحقاً.
النسيج العمراني
يضيف الباحث في التراث حيدر نعيسة: تركيبتها العمرانية توحي بأنها استراحة قائد أو أمير، ومع ذلك فإن المهتمين والمحيطين بها يقولون عنها: إنها “قلعة”، معتمدين في قولهم، على موقعها المحصن وبعض التحصينات الدفاعية بداخلها، وفي السنوات الأخيرة أعيد الاهتمام بها للمحافظة على ما بقي من معالمها العريقة.
تأخذ القلعة بأسوارها شكل التل الصخري الذي بنيت فوقه وتمتد عمارتها باتجاه شرق غرب بطول 250 متراً تقريباً، وعرض جنوبي شمالي نحو 50 متراً تحيط بالقلعة بقايا أسوار ضخمة مدعمة بأبراج دفاعية، ويقع داخل القلعة خزان ماء، وقد فقدت القلعة عبر تاريخها الكثير من نسيجها المعماري وتحولت من الداخل إلى مصاطب للمزروعات المختلفة، ويزيد القلعة جمالاً وقوعها وسط طبيعة جميلة.
لها سور من حجر البازلت المنحوت بدقة متناهية ويبلغ وزن الحجر الواحد ما يزيد على طن ونصف الطن، لها أقواس وأماكن لرماية السهام ومراصد تحيط بالقلعة، وهي تحوي خزانات للمياه التي كانت تنقل إلى القلعة من نبع جفونة الذي يتدفق من على سفح الجبل الجنوبي للقلعة بواسطة أنابيب فخارية، كما أنها تحتوي على حمام وقربه مسبح فينيقي ومدفن وقد عبثت عوامل الطبيعة بجزء من القلعة وحطمت معظم جدرانها وأقواسها وتيجانها، أثناء الفتح الإسلامي في عهد صلاح الدين الأيوبي تم ترميم القلعة حيث وضع في مقدمة مدخل القلعة حجر نقش عليه عبارة “ناصر الدين”.
حصن السيدة العجوز
ويتابع حيدر بالقول: يقال إنه في الماضي احتمى بها نحو 400 مقاتل تترأسهم امرأة ونسبةً لهذه المرأة، سميت القلعة باسم حصن السيدة العجوز قبل أن يتم تسميتها “قلعة بني قحطان”.
طريقة نقل الماء إلى خزانات القلعة كانت لافتة للنظر، وتثبت أن الحاجة أم الاختراع، وعن طريقة نقل الماء وموقع القرية حدثنا مختار قرية القلعة مروان موسى بالقول: موقعها محصن عسكرياً، فهي تعتلي هضبة وسط القرية تحيط بها الوديان والأنهار من كل جانب، وبعد الوديان يوجد جبال حراجية صعبة الحركة، وهذا يدل على صعوبة اقتحامها عسكرياً.
كانوا يمدون لها الماء من نبع اسمه عين جفونة بواسطة شجر الدفلة، وكان يتم نزع لب الشجرة والإبقاء على قشرها الذي كان مرناً ولا يسرب الماء.
حضارة وعراقة
هناك عدة دلائل على كونها قلعة منها أن الجدار يحتوي على مناطق للرماة، وهذا يؤكد أنهم كانوا يرمون منها في البداية، ويدل أيضاً أنها كانت قلعة ولها حراس يتناوبون على حراستها.
الدليل الأكثر أهميةً هو وجود معالم لسورين، الأول داخلي والثاني خارجي، السور الداخلي كان للملك وحاشيته، أما الخارجي فكان للحرس، لكن جميع المعالم التي تم الكشف عنها تؤكد أنها لم تكن قلعةً كبيرة بل قلعةً صغيرة الحجم.
الجدير بالذكر أن من يود زيارتها، عليه التوجه شرق مدينة جبلة ماراً بقرية “سيانو” الأثرية، ثم “كفردبيل”، “الثورة”، “المرداسية”، وباتجاه القلعة التي تتوضع على قمة جبل بمساحة عشرة دونمات.