ثمة حقيقة لا زلت أقتنع بها منذ الأيام الأولى للحرب الصهيونية على غزة، وهي أن الحرب ستتوقف كما توقفت من قبل حروب الكيان على غزة لحظة وصول الضوء الأخضر من الرعاة الغربيين.
الهدن مع المحتل تبقى هشة والالتزام دوماً من طرف أصحاب الحق، والخرق والعربدة من قبل المعتدين، والخروقات التي أعقبت الهدنة من قبل المحتل الإسرائيلي دليل واضح على ذلك.
إنه منطق الحقيقة وليس أكثر، وهو التحليل الواقعي المشاهدة آثاره على الأرض، والهدف منه استدامة الحرب وشراستها ضد القطاع، وعليه يتضح المشهد جلياً ليوثق العلاقة الحميمة بين المحتل وثقافة الإرهاب المتأصلة في كيانه والتي تسري بأوردته تغذيتها، وهي وجه باطل على نقيض ثقافة المقاومة المتأصلة قولاً وفعلاً على كامل الأراضي المحتلة، وليس في غزة وحسب.
من المسلم به أن حجم الترسانة العسكرية الصهيونية كبير ومتخمة بشتى أنواع الأسلحة التقليدية، والمحرمة دولياً وإنسانيا، لكن حجم قدرات المقاومة وصلابة عودها في الميدان يضاهي الترسانة الصهيونية المعلقة بحبل الغرب السري.
صانعو القرار الإسرائيلي وداعموه من غرب تقوده أمريكا لن يتركوا باباً إلا وسيحاولون الدخول منه لحسم الصراع لصالح الجانب الإسرائيلي الذي دمر غزة ولم يترك فيها حتى لأحلام الصغار مكاناً لتتعلق فيه، هذا الحسم ربما تكون الهدنة جزءاً منه لترك الكيان يتنفس الصعداء بعد أن أنهكته ذراع المقاومة في الأراضي المحتلة.
لكن وفي ضوء الوقائع ومجريات الأحداث وتفاصيل الحرب ومهما كانت عنيفة ومدمرة، لن تؤثر عميقاً في ثقافة المقاومة وصلابتها، وقدرتها على الترميم وإعادة البناء السريعة، ولن تحسم انتصاراً إسرائيلياً نهائياً عليها، وستتلاشى سحب التفكير الصهيوني وتتحول لركام يضيع في فضاء غزة.
الاستنتاج الإسرائيلي الأميركي بضرب المقاومة وفقاً لما استخلصه العقل السياسي والاستراتيجي الصهيو أمريكي المشترك من تجاربه السابقة، سيكون مستحيلاً في باطن تفكيرهم حتى لو حاولوا إظهار خلاف ذلك، وهذا الأمر من أكبر عوامل الإخفاق لفكرهم العسكري التدميري، ومنه ستكون الحسابات لأي حروب أخرى يخطط لها العقل الغربي تجاه المنطقة ودولها.
الحرب على غزة تستهدف المنطقة برمتها ومن ضحالة التفكير وقصر النظر أن نقرأ المشهد الحربي الصهيوني بكل تفاصيله القاسية على أنه يستهدف فلسطين ومقاومتها فحسب، بل الحرب الغربية الصهيونية تستهدف جميع من يساندون غزة قولاً وفعلاً، وهذا ما يجب أن يبقى راسخاً في الأذهان وماثلاً أمام العيون.
منهل إبراهيم