الثورة – حماة – أيدا المولي:
يصادف اليوم العالمي للإعاقة في الثالث من شهر كانون الأول، يوم لهم وفيه يتذكرون سيرة حياتهم ومسيرة كفاحهم، فخورون بما وصلوا إليه، شاكرين كل من مدّ يد العون في كل اللحظات.
بداية حزينة
البطلة فداء شدود حاضرت في قاعة المركز الثقافي في سلمية وبدأت بالحديث عن السنوات التي لم تكن تعي أنها ستحتاج دوماً لمن يقف معها كي تتمكن من المشي منذ عمر السنتين، حيث أخطأ أحدهم في إعطائها حقنة عضلية، هذا الخطأ تسبب في تحديد مسار حياتها كانت تمشي وأمست فاقدة هذه الحركة، دخلت الابتدائية وهي فتاة من ريف سلمية من قرية “المبعوجة”، حيث لم تكن آنذاك تتوفر إلا الابتدائية، درست المرحلة ونجحت فيها وانتظرت فترة من الزمن كي يتسنى لها أن تكمل ما بدأته في مسيرة العلم.. انتظرت لكنها على الرغم من شلل الأطفال الذي أصابها لم ترقد في ركن البيت بل قامت بمهمة ريفية فكانت ترعى الأغنام إلا أن الأمر لم يستمر طويلاً.
إرادة وتحدي الإعاقة
تم افتتاح مدرسة إعدادية في القرية نالت الشهادة أيضاً، لكن لم تتوقف المسيرة، فلا بد من إكمال الدراسة الثانوية، حيث انتقلت بدعم أسرتها إلى منطقة سلمية واستطاعت نيل الشهادة الثانوية فيها، ولكن لا يعني لفداء انتهاء مشوارها، فانتقلت إلى محافظة حمص، إذ تسنى لها العمل في إحدى الشركات بدوامين، وكانت تستقل ٨ باصات للوصول والعودة من وإلى عملها- حسب قولها.. فهل من الممكن أن نسأل كم كانت المعاناة كبيرة بحركة التنقل لو لم يكن أمامها مشوار آخر تطمح إليه؟
خلال فترة عملها استطاعت الحصول على شهادة جامعية ونالت إجازة بالأدب الانكليزي من جامعة البعث، واستطاعت بفضل الدعم والتوجيه الانتساب إلى اللجنة الفنية للرياضات الخاصة بـحمص عام 1994، وبدأت مسيرتها الرياضية بألعاب القوى، حيث تمكنت من تحقيق المراكز الأولى على مستوى الجمهورية لعدة سنوات متتالية بعد مساعدتها بالحصول على جهاز شلل الأطفال الذي تمكنت من خلاله بالسير.
وتوجهت للتطوع في الجمعيات الخاصة بالمعوقين، إذ استطاعت أن تشكل لنفسها بيئة داعمة تعيش معها بكل تفاصيل حياتها، حتى صار وقتها مليئا بكل ما هو باعث لمزيد من النجاح.
مسيرة البطلة الرياضية
وعن مسيرتها الرياضية والجوائز التي حصلت عليها، قالت: «الرياضة الأولى التي مارستها كانت رياضة القوى، ثم مارست رياضة رفع الأثقال، فنلت المركز الأول والذهبيات الثلاث (رمي القرص، ورمي الكرة، ورمي الرمح)، (وقوف وجلوس)، وأيضاً لقب بطل الجمهورية على مستوى “سورية” لعدة سنوات بأوزان 44كغ و48كغ، ثم دخلت مجال رياضة كرة الطاولة “بينغ بونغ” وأخذت لقب بطل الجمهورية (جلوس ووقوف) لسنوات متتالية، وأخيراً أحرزت المركز الثالث على مستوى الجمهورية في الريشة الطائرة بوضعية الجلوسً.
وشاركت في العديد من دورات التدريب والتحكيم والتصنيف في كرة السلة على الكرسي المتحرك (جلوس)، والتصنيف لألعاب القوى والتدريب والتحكيم بكرة الطائرة بوضعية الجلوس
رسالة من عمق التجربة
لخصت فداء قصة السنوات الطويلة بتلك الأسطر، علماً أننا ندرك أن في كل لحظة لديها قصة، لكن كان هدفها من لقاء الجمهور في محاضرتها بمركز ثقافي سلمية التوجه إلى كل أسرة لديها أبناء من ذوي الحاجات الخاصة، توجهت إليهم وأوصتهم بعدم الخجل من إصابة أولادهم، مشيرة إلى أنه مازالت هناك أسر تخبئ أبناءها خشية اكتشاف أن لديهم إعاقة، توجهت إليهم ليكونوا داعمين لأولادهم، فهم مصابون من جهة وأصحاء من جهات أخرى، مستندة إلى علماء غيروا منحى العالم بالرغم من كونهم مصابين بصعوبات التعلم.
وأشارت إلى أنه في معظم البرامج التلفزيونية صار هناك اهتمام ورغبة من المجتمع بمشاركة الصم والبكم في جميع أحداث العالم فكانت لغة الإشارة التي يفهمونها، كما تأسست الرياضات الخاصة بالمعوقين في جميع المجالات وحتى عالم الأزياء.. لهم حضور في المدارس والجامعات يعاملون بمرتبة الأصحاء في مجال المستلزمات الطبية المساعدة، مازال العلم يتطور في هذا المجال ويبدع في اختراع الأجهزة المناسبة.
وأوضحت أنه 15% من سكان العالم يصنفون ضمن ذوي الحاجات الخاصة، والكثير يفتقد للرعاية، مشيرة إلى أنه وببحث معمق أعلاما وأدباء وساسة لم تمنعهم إعاقتهم من ترك بصمة مازالت تذكر منذ عشرات السنين.. أعلام وأدباء تحدوا الإعاقات ورسموا خارطة لعالم الإعاقة الصحيحة.
أخيراً.. يمكن القول: إن اليوم العالمي للإعاقة ليس يوماً عادياً، لكنه يوم انتهى وبدأت صفحة جديدة في عالمهم، تسميات كثيرة سطرت عناوين حياتهم ليس لأنهم أقل، لكن لأن لهم عالمهم الخاص يعيشون تفاصيله ثم يخرجون للعالم أقوياء بتجاربهم، إن كانوا ذوي حاجات خاصة أو كانوا من ذوي الهمم، لم تعد التسميات تهمهم لأن من يعيش معهم يدرك كم هم أصحاء.