رسائل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحفي السنوي جاءت واضحة وراجحة ومتوازنة في ميزان العقل السياسي، وأكدت مجدداً مسار السياسة الروسية في المستقبل القريب والبعيد، وكانت بلا مواربة رافضة لما يحصل في قطاع غزة من مظاهر كارثية لا تليق بالإنسانية المسفوحة بفعل آلة الحرب الهمجية الصهيونية التي تنكل بالقطاع وأهله المحاصرين.
ورسخ الخطاب الذي أطلقه بوتين للعالم بأن روسيا حالياً هي ليست فقط تقاوم المشاريع الغربية والاعتداءات، لكنها تقدّم أيضاً نموذجاً جديداً من سيادتها، وبدأت تشارك هذا المفهوم مع دول في “الشرق الأوسط” والتي ترفض الهيمنة الأمريكية بكل ما تحتوي من معان سياسية واقتصادية وعسكرية.
من الأهداف الأساسية للعملية العسكرية الروسية الخاصة كانت ولا تزال اجتثاث النازية من أوكرانيا ونزع سلاحها، وهي أهداف متأصلة في العقل الروسي، وحتى تغيير الأداة السياسية والعسكرية الطيعة والفاعلة للولايات المتحدة والغرب والمتمثلة برئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ليس كافياً بالنسبة لروسيا، والمهم بالنسبة لها بلوغ مستوى متقدم ونهائي في اجتثاث الإيديولوجية النازية وحماية السكان من تبعاتها وشرورها.
رسائل بوتين بدلالاتها العميقة أظهرت السياسة الروسية الداخلية والخارجية، وكان أبرزها التأكيد على حق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، والتي تمنع قيامها النازية الصهيونية التي تجاوزت كما النازية الأوكرانية الحدود، ونحن نشاطر الرئيس بوتين بوجوب استئصال الفكر النازي ومظاهره الهمجية أينما وجد.
من أهم رسائل المؤتمر الذي لم يعقد العام الماضي، ثقة الرئيس بوتين بكل ما يقول، وأن روسيا استطاعت تخطي الضغوط نتيجة قوة النظام المالي ووزارة الدفاع الروسية وعودة النمو الاقتصادي وتكاتف المواطنين وعودة الإنتاج الصناعي الروسي إلى مستويات الحقبة السوفييتية، وهذا النمو الأهم، فضلاً عن الوضع العسكري القوي، وإقامة شراكات استراتيجية مع أقطاب جديدة في العالم، وكان ذلك واضحاً في كلام بوتين حول العلاقات الروسية التي وصلت لمستويات غير مسبوقة مع جمهورية الصين الشعبية، والتي لا تتعارض مع مصالح أي دولة، وليست موجهة ضد أي طرف ثالث.
منهل إبراهيم