أثبتت القرارات التي صدرت عن وزير التربية خلال فترة قصيرة أن تغيير الأداء يُحدث فرقاً في جميع مؤسساتنا، وأن ما تم تصحيحه في العملية التربوية يُمكن أن يُستكمَل في وزارات أخرى ولاسيما التعليم العالي كون العملية التربوية والتعليمية على ارتباط مباشر، والتي تحتاج لضبط الانحرافات التي حدثت في العملية التعليمية لنواحي تعاطي الكوادر التدريسية مع المناهج والطلبة حيث الابتزاز والكيدية وغياب الجدية في التعاطي مع العملية التعليمية.
ما ذهبت إليه وزارة التربية في قرارها الأخير من إلغاء الدورة الثانية وأتمتة العملية الامتحانية سيكون صداه في وزارة التعليم، فإذا نجحت عملية الأتمتة فإن الخطوة القادمة ستكون لإلغاء السنة التحضيرية، أما فيما يخص إلغاء الدورة التكميلية فإن صداه سيكون في قلب العملية التربوية، فمنذ إقرار الدورة الثانية تم إرهاق شريحة المدرسين بتنفيذ استحقاقات هذه الدورة من مراقبة وتصحيح وهذا الإرهاق انعكس ظلماً على كثير من الطلبة أثناء التصحيح، أيضاً منذ بدء تطبيق الدورة الثانية استحال ترميم المدارس وتجهيز الصفوف وهذا انعكس على الخدمات المزدوجة للتلاميذ والمدرسين.
إنجاز الدورة التكميلية بما سبق ذكره كبير جداً ومرهق للخزينة، حيث تكلفة دورة تكميلية واحدة يكفي لترميم وبناء عشرات المدارس وتجهيزها سنوياً عدا عن توفير مبالغ يمكن منحها على شكل حوافز للمدرسين والقائمين على العملية التدريسية.
ما سبق من قرارات يحتاج لقرار متمّم قد يكون من الأهمية الكبيرة لإنجاح ما سبق من قرارات وهو اعتبار مادة السلوك مادة مرسّبة بهدف ضبط فوضى المدارس وتجاوزات الطلاب وبعض الأهالي الذين انتهكوا كرامات المدرسين وحرمات المدارس.
وزير التربية يقود عملية دقيقة لاستعادة العملية التربوية إلى مسارها الصحيح ويحظى بدعم كبير لإنجاح العملية، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود تيار قوي مُتستفيد من الفوضى يعارض ويقاوم ويعرقل تصحيح مسار العملية التربوية، ولذلك يجب دعم هذه العملية من الجميع فهي مسؤولية جماعية وليست مسؤولية الوزير بمفرده.
جمالية الجيش باحترام التراتبية والقِدم ومستوى التأهيل، وهذا الأمر مهم جداً في العملية التربوية، فاليوم ترى خريجاً جديداً وبمرتبة تعليمية أدنى يقود كادراً تدريسياً بعض أفراده درّسوه و درّسوا والديه.
“بالزمان إجا أستاذ فتوة على مدرسة في إحدى القرى وطلب أن يسكن فيها، وباشر مهامه بكل إتقان، وكانت المدرسة أيام العطل كمسرح يتجمّع حولها الناس للتفرّج على النظام المنضم والاستعراض الذي كان يجريه المدرّب للطلاب، وأصبحت المدرسة نموذجاً بالانضباط حتى المدرسين، وبعد فترة انتقل الأمر للقرية وأصبح أستاذ الفتوة يحل المشاكل، والنساء تشتكي له على أزواجها، وأصبحت القرية نموذجية بالانضباط على يده، ولكن كانت المفاجأة في أحد الأيام بتطويق المدرسة من قبل الشرطة العسكرية ليتبين أن المدرّب فار من الخدمة ولا علاقة له بالتربية العسكرية، ولكن الانضباط جميل.
معد عيسى