ظافر أحمد أحمد:
إحدى أهم نتائج عملية طوفان الأقصى تحديدا أنّها عرقلت استكمال مخططات وتوجهات تجاه تصفية حقوق الشعب الفلسطيني الخاصة بالعودة وتقرير المصير ودولتهم بعاصمتها التاريخية..وأقصاها…)، بل وأعادت القضية الفلسطينية إلى موقعها الأساس وبكامل أبعادها الجغرافية والسياسية الخاصة بفلسطين التاريخية انطلاقا من مسرح الأرض الغزّاوية.
تكفل مسار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي تدريجيا بتصنيع ذهنية أصبحت تتعامل مع أساسيات القضية الفلسطينية على أنّها ضرب من ضروب الرومانسية وأنّ الواقع العربي تجاوزها، ولا بد من زمن يصنعه (حلف عربي إسرائيلي) بوصاية أميركية تحت عناوين برّاقة: (السلاّم- الاستقرار..).
إنّ تكلفة تطبيقات هذا المسار أنتجت وحشية إسرائيلية متفاقمة جعلت العرب والفلسطينيين يدفعون ثمناً باهظاً، وهذه أوضح خلاصة تثبت أنّ ثمن “السلام” مع كيان الاحتلال أكثر كارثية من ثمن الصراع معه..، وهذا ما يجب أن يزرع في الذهنية العربية قناعة جديدة مفادها أنّ (المقاومة والحرب مع الاحتلال أقل تكلفة وأجدى من الاستسلام له أو “السلام” والتساكن معه).
ها هي عملية طوفان الأقصى ترسخ أوّل نتائجها بأنّ المسار الرومانسي هو مسار التطبيع لا غيره، وأنّ الزمن العربي وعلى الرغم من قساوته وضبابيته لم يتجاوز الحقوق الفلسطينية الأساسية، وأنّ المقاومة هي الأكثر واقعية في الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، بدلا من مسارات تصفية القضية وانحلالها التدريجي.
حددت عملية طوفان الأقصى الملامح الحقيقية للصراع العربي الإسرائيلي، وتطلبت لأوّل مرة ترابط ساحات المواجهة، وهو وعي ترتب على محور المقاومة الذي يسلّم بحقيقة أنّ قتل إرهابي يستوطن إدلب أو ريف حلب على سبيل المثال لا الحصر يعني فعلا مقاوما ضد الاحتلالين الإسرائيلي والأميركي وأي حليف آخر لهما، وأنّ أي استهداف لقاعدة من القواعد اللاشرعية للاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية أو على الأرض العراقية ومن أي طرف مقاوم هو فعل عملي ضد الاحتلال الإسرائيلي ويعاضد النضال الفلسطيني المشتعل في أبهى صوره حاليا، وأنّ التضييق اليمني على التجارة الإسرائيلية هو فعل يعاضد القضية الفلسطينية.
إنّ ترابط ساحات النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي ناجم عن حقيقة الترابط بين الكيان الإسرائيلي والاحتلال الأميركي لأراض سورية وعراقية والاحتلال التركي في بعض المناطق السورية والعراقية.
تكفلت عملية طوفان الأقصى في تحديد ساحات عمل محور المقاومة، وهذه أوضح خلاصات الأداء التي يستقبل فيها محور المقاومة العام الجديد وكل طرف من أطرافه يؤدي واجبه الوطني على ساحته ومن موقعه للعمل الجاد بأنّ القادم وإن استطال هو كلمة فصل لمحور المقاومة وللفعل المقاوم وعلى الذهنية العربية أن تعيد ترتيب أبجدياتها وفق حقائق تولّدها المقاومة فقط لا غير.