“الإيموجي”.. والعودة إلى الإنسانية الأولى

الثورة – إعداد ياسر حمزه:

مفارقة أن تكون آخر التطـورات في مجال التواصل بين البشر مستوحاة من أيام الإنسانية الأولى، وأن تكون ذروة التطور الرمزي التواصلي، بالعودة إلى رسومات ونقوش الكهف، وأدوات ما قبل اكتشاف الكتابة.
لكننا بدل النقش في الكهف، أصبحنا نستخدم الهواتف الذكية, ومع استخدام الكتابة، أصبحنا في حاجة ماسة للتعبير باستخدام رموز تعبيرية “الإيموجي” في حواراتنا اليومية.
ويعرّف قاموس كامبردج الرموز التعبيرية بأنها صورة لرقمية تضاف إلى رسالة في التواصل الالكتروني بهدف التعبير عن فكرة أو شعور معيَّن.
فقد اخترع الياباني شيجيتاكا كوريتا الرموز التعبيرية في التسعينيات الميلاديـة، واستخدمتها آنذاك شركات الهاتف المتنقل اليابانية, ثم اقتحمت تقنية الصور التعبيرية عالم الهواتف الذكية، فاستثمرت على نطاق واسع في أنظمة “أبل” للتشغيل، و”أندرويد”، وغيرها.
فعل تواصلي
إن استخدام الرموز التعبيرية فعل تواصلي، بمعنى أن هدفه إيصال رسالة إلى مستقبل.
فقد تطوَّر التواصل البشري من الإشارات والهمهمات، إلى التعبير بالكلمات، ثم فرضت التطورات التقنية والهواتف الذكية نوعاً آخر من التواصل، يدمج سياقين لم يدمجا تاريخياً: الكتابة والتواصل الشخصي الآني.
أوجد هذا التطور أزمة “تواصلية” جديدة، فالتواصل الكتابي الشخصي والآني جاف ومباشر, وأصبح مختصراً وخلق لغة خاصة به.
الأمر نفسه ينطبق على الرموز التعبيرية التي جاءت لمعالجة مشكلة كبرى، تتعلَّق بنقل المشاعر، بما يتجاوز الكلمات.
فخلال المحادثات الهاتفية، يمكن أن تعرف “مشاعر” طرف المحادثة الآخر، وانفعالاته، من خلال نبرة الصوت، الضحكة الساخرة التي يطلقها، أو اللغة الجادة التي يستخدمها.
أما في التواصل الكتابي الآني فكل هذه “المشاعر” مهملة، ونحن أمام كلمات جافة لا غير..
فلا يمكنك أن تعرف إن كان الطرف الآخر في المحادثة جاداً أو ساخراً، غاضباً أو في أفضل حالاته المزاجية.
الرموز التعبيرية حلَّت هذه الأزمة، وبدلاً من أن تكون مضطراً لكتابة (أنا جاد، أنا ساخر، أنا أمزح،أنا غاضب) لتوضيح مشاعرك للطرف المقابل، أصبحت الرموز التعبيرية تفي بالغرض.
فالابتسامة الصفراء تعبير عن امتعاض، والقرد مغمض العينين تعبير عن الحياء، والقلب عن الحب، والوردة، لا يمكن أن تمنح الوردة معنى محدداً، فهي تعني كل شيء.
*الرموز التعبيرية والتعدد الثقافي
وانعكست خلافتنا الثقافية والاجتماعية على الرموز التعبيرية أيضاً, فارتدت بعض الرموز القبعة الغربية، وارتدت أخرى العمامة الشرقية ,ورموز أخرى أصبحت ترتدي ملابس السباحة.
وفي تطور لاحق، أصبح لون بشرة الرموز التعبيرية مهماً، فلماذا على هذه الرموز أن تكون كلها صفراء؟ لماذا لا نمتلك رموزاً تعبيرية تعبِّر عن تنوعنا؟.
هذا ما حصل، لقد أصبح للرموز التعبيرية مجتمع واسع، يضم أفارقة وعرباً وآسيويين إضافة إلى الأوروبيين، ورجالاً بلحى، وآخرين بشوارب كثــة، ونساء محجبات، وأخريات يرتدين التنانير القصيرة.
فعلى الرموز التصويرية أن تعكس حياتنا بأدق ما يمكن, وهناك رموز أكثر، لكل شيء.
فهل سيأتي يوم نمتنع فيه ربما عن استخدام الكلمات نهائياً، ونكتفي بالرموز؟.

آخر الأخبار
بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات إعلام بريطاني: خطة ترامب هشة وكل شيء اختفى في غزة جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية هل يستطيع ترامب إحياء نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية؟ منطقة تجارية حرة.. مباحثات لتعزيز التعاون التجاري بين سوريا وتركيا التنسيق السوري التركي.. ضرورة استراتيجية لمواجهة مشاريع التقسيم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في إطار تنفيذ اتفاق غزة بين دمشق وبرلين.. ملف ترحيل اللاجئين يعود إلى الواجهة الخارجية تفعّل خطتها لتطوير المكاتب القنصلية وتحسين الخدمة للمواطنين